Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التدريس والتعلم

شعر النابغة الذبياني في المدح


في مقالنا اليوم سنتعرف إلى أشهر شعراء الجاهلية وهو النابغة الذبياني، وسنتحدث عن أبرز معلقاته في المدح والاعتذار؛ لذا تابع معنا.

شعر النابغة الذبياني في المدح:

من المعروف أنَّ للشعر أغراضاً متنوعة، كالمدح والفخر والرثاء والهجاء، ويعد النابغة الذبياني من أشهر شعراء الجاهلية الذين أبدعوا في المدح والاعتذار والغزل، وله العديد من القصائد في تلك المجالات، ولكنَّه عُرف وازدادت شهرته وبانت في المدح، فقد مدح الغساسنة وحِمير رغبةً منه بالتقرب منهم وكسب رضاهم.

كانت غاياته من المدح متنوعةً، فعلى سبيل المثال مدح الملوك وكل من قدم له معروفاً أو تيسيراً لأمرٍ معين، وذلك لرد الجميل بنوعٍ من الثناء، كما برع في إدخال الاعتذار في ثنايا قصائد المدح، وقد كان لذلك أثر جميل في وقع السامع، فكانت كلماته نابعة من القلب حساسة رقيقة.

أبرز الشخصيات التي مدحها النابغة الذبياني:

تنوعت الشخصيات في شعر النابغة الذبياني عند المدح، وإليكم بعض منهم:

1. الغساني حارث بن أبي شمر، فقد مدح شجاعته وفروسيته العالية وبسالته في معاركه، فقال:

وثقْتُ لهُ بالنصرِ إذ قيلَ قد غزَتْ

كتائبٌ من غسانَ غيرُ أشائبِ

2. النعمان بن منذر، مدحه الذبياني طمعاً برضاه ولكسب محبته وطمعاً بكرمه وجوده، وفي ذلك قال:

يا دارَ ميَّةَ في العلياءِ فالسندُ

أقوتْ وطالَ عليها سالفُ الأبدِ

3. زوجة النعمان بن منذر، حيث مدح كرمها وفي ذلك قال:

أمن آلِ ميةَ رائحٌ أو مغتدِ

عجلانَ ذا زادٍ وغيرُ مزودِ

4. قصيدة النابغة الذبياني في مدح النعمان:

أجاد شاعرنا في المديح تقرباً وتحبُّباً، وإليكم قصيدة النابغة الذبياني في مدح النعمان، التي نظمها على البحر الطويل فمدح فيها كرمه وبسالته ورحابة بلاطه وفخامته، وتخللتها أبياتٌ يعتذر فيها، لما دسه الحاسدون أمام الملك ضده، فكانت العاقبة أن يطلب النعمان دم النابغة حيَّاً كان أو ميتاً، ولما هرب الشاعر واختبأ كتب في غربته وهو حزين فقال:

أَهاجَكَ من سُعداكَ مَغنى المعاهدِ

بروضةِ نُعمِيٍّ فذاتِ الأَساودِ

تَعاورَها الأَرواحُ يَنسِفنَ تُربَها

وَكُلُّ مُلِثٍّ ذي أَهاضيبَ راعدِ

بِها كلُّ ذيَّالٍ وخنساءَ ترعوي

إِلى كلِّ رجَّافٍ من الرملِ فاردِ

عهِدتُ بِها سُعدى وسُعدى غريرةٌ

عَروبٌ تَهادى في جَوارٍ خَرائدِ

لَعَمري لَنِعمَ الحيِّ صبَّحَ سِربَنا

شاهد بالفديو: حقائق ومعلومات قد لا تعرفونها عن اللغة العربية

 

وَأَبياتَنا يَوماً بِذاتِ المراودِ

يَقودهُمُ النُعمانُ مِنهُ بِمُحصَفٍ

وَكَيدٍ يَغُمُّ الخارِجِيَّ مُناجدِ

وَشيمةِ لا وانٍ وَلا واهِنِ القُوى

وجدٍّ إِذا خابَ المفيدونَ صاعدِ

فَآبَ بِأَبكارٍ وَعونٍ عَقائِلٍ

أَوانسَ يَحميها امرؤٌ غيرُ زاهدِ

يُخطَّطنَ بِالعيدانِ في كلِّ مقعدٍ

ويخبئنَ رُمَّانَ الثديِّ النواهدِ

ويضربنَ بِالأَيدي وراءَ براغزٍ

حِسانِ الوجوهِ كالظباءِ العواقدِ

غرائِرُ لم يلقينَ بأساءَ قبلَها

لدى ابنِ الجُلاحِ ما يثقنَ بِوافدِ

أصابَ بني غيظٍ فأَضحَوا عِبادَهُ

وجلَّلَها نُعمى على غيرِ واحدِ

فلا بُدَّ مِن عوجاءَ تَهوي بِراكِبٍ

إِلى ابنِ الجُلاحِ سيرُها الليلَ قاصدِ

تخبُّ إِلى النُعمانِ حتَّى تنالَهُ

فِدىً لكَ من ربٍّ طريفي وتالِدي

فسكَّنتَ نَفسي بعدَما طارَ روحُها

وأَلبستَني نُعمى ولستُ بِشاهدِ

وكنتُ امرَأً لا أَمدحُ الدهرَ سوقةٍ

فلستُ على خير أَتاكَ بِحاسدِ

سبقتَ الرجالَ الباهشينَ إِلى العُلى

كسبقِ الجوادِ اصطادَ قبلَ الطواردِ

علوتَ معدَّاً نائِلاً ونِكايةً

فَأَنتَ لغيثِ الحمدِ أَوَّلُ رائدِ

خصائص المدح في شعر النابغة الذبياني:

كان للمديح غايات شخصية يستفاد منها الشاعر، ولا سيما في مديحه للملوك والأمراء وأصحاب الجاه، ومنه جاءت خصائص للمديح ميزت أشعار النابغة عن غيره من الشعراء، وأكسبتها مكانتها في اللغة العربية، ومن أبرز وأهم هذه الخصائص:

  • سهولة التراكيب ومتانة الألفاظ ورقتها.
  • شفافية المعنى.
  • التقيد بثوابت رواد الأدب العربي العظماء فلم يخرج عن قوانينهم في الشعر، فكان شعره مألوفاً بعيداً عن الغرابة ذا طابع سلس ومفهوم.
  • التفرد بغرض واحد وثابت في كامل القصيدة كالمدح مثلاً.
  • الواقعية في الوصف والمديح، إذ يصف الممدوح كما يراه في الواقع ويشيد بأعماله الحسنة بحقيقتها دون مبالغة، الأمر الذي أضفى على قصائده عظمة خاصة، وكان وقعها مسموعاً لدى الملوك لبعدها عن التنمق والتكبير.

معلومات عن النابغة الذبياني:

هو زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن غيظ بن مرة، أبو أمامة الذبياني، وقد لُقِّب بالنابغة الذبياني لنبوغه في الشعر واللغة العربية، ولد الذبياني في غطفان في شبه الجزيرة العربية وتوفي في نجد، ويرجع أصل نسب النابغة إلى مرة بن عوف وهو من بني مالك من قبيلة قريش، لكن جده عوف بن لؤي، ترك قبيلته وخرج منها، وانتسب إلى بني ذبيان الغطفانيين، وتحديداً إلى سعد بن ذبيان.

اختلف النقاد في لقب الذبياني بالنابغة، وقد اتفقت آراؤهم على نبوغ الشاعر بالشعر أي غزارة معانيه ومتانة ألفاظه، على مبدأ نبغت اليمامة أي انتشر صوتها غناءً، ونبغ نبع الماء أي غزر، ومن ناحية أخرى لم يُعرَف كثيراً عن نشأة النابغة وتفاصيل حياته، غير مزاحمته على ماوية وإخفاقه أمام حاتم الطائي في ذلك.

لقد كان الذبياني مكرماً ومعززاً ومحترماً من قبل الملوك، وعُدَّ من شعراء المرتبة الأولى، وكَثُر حساده آنذاك حتى عيروه لتكسبه بالشعر.

علاقة النابغة الذبياني بالنعمان:

عندما ارتقى الملك النعمان بن منذر عرشه أراد أن يظهر على أنَّه ذو جانب ملكي عزيز، وذلك لينافس أعداءه من الغساسنة بمظاهر من الترف والعظمة والرقي والجاه، وكان النعمان من عشاق الأدب، لما له من أثر في زيادة فخامة البلاط وانتشار صيته.

كان من أبرز شعراء بلاط النعمان هو النابغة، ولما حمده الملوك في تلك الفترة ترك الغساسنة ورجع للحيرة، ويُقال إنَّ النابغة نعم كثيراً بنعيم النعمان، فكان مأكله ومشربه في كؤوس وأوانٍ من ذهب وفضة، وهذا ما أثار غيرة معظم الشعراء في عصره، وعملوا على إفساد علاقته ببلاط الملك حينها، فدسوا عليه، ووصلت الأمور إلى غضب النعمان وحكمه على الذبياني بالقتل، حتى نبهه أبو قابوس عصام بن شهبر الجرمي الذي كان بينه وبين الذبياني مودة وتآخٍ كبيران، وبمساعدته فرَّ الذبياني وعاد للغساسنة، وفي قلبه لوعةٌ وحزنٌ كبيران على فراق البلاط.

علاقة النابغة الذبياني بالغساسنة:

في الحقيقة كثرت الروايات التاريخية عن سبب غضب النعمان من الذبياني الذي تسبب في هروبه خوفاً على نفسه من الهلاك، وأحد هذه الروايات تقول إنَّه كان في محضر النعمان وكانت زوجة النعمان بجانبه، فهر نصيفها، فاستترت بيد زوجها، فأمر النعمان الذبياني أن يصفها له، فقال:

سقط النصيف ولم ترد إسقاطه

فتناولته واتَّقتنا باليد

كان للنعمان خليل يدعى المنخل اليشكري وقد كان جميلاً حسن القوام، أما النعمان فقد كان قصيراً قليل الجمال شديد الشقار، وقد اعتقد أنَّ أولاد النعمان منه، ولما سمع المنخل هذه القصيدة وذاك الوصف للمتجردة (زوجة النعمان)، قال للنعمان لا يمكن أن يمدح بهذا الوصف إلا المُجرب، الأمر الذي أغضب النعمان واضطر الذبياني إلى الخروج من القصر، ولما راح منه لجأ للغساسنة، وتحديداً إلى عمرو بن الحارث الأصغر وأخيه، وبقي عندهم مدة طويلة من الزمن، ينشد الأشعار ويمدح ويرثي، حتى رضي عنه النعمان فعاد لبلاطه.

أبرز المعلومات عن ديوان النابغة:

للذبياني ديوان شعر، وقد وصل للقراء من خلال مجموعة شعرية تعود لزمن بعيد، وتحوي كثيراً من الأشعار لامرئ القيس، والنابغة، وزهير بن أبي كعب وطرفة، وقد حكاها أبو الحجاج يوسف بن سليمان بن عبس الملقب بالأعلم، والتي اتخذ فيها القصائد التي نشدها الأصمعي، كما قصَّ عن شعر النابغة ما رواه الطوسي عن ابن الأعرابي.

بعد ذلك نقَّح هذه المجموعة المستشرق البروسي وليم بن الورد تنقيحاً علمياً، لجأ فيه إلى عدة مخطوطات، وضم عليها أبيات وجدها في كتب الأدب، وفي عام 1869 انتشر ديوان النابغة في فرنسا من قبل الفرنسي هر تتفيك دير نبورغ.

أقسام ديوان النابغة الذبياني:

 يقسم ديوان النابغة إلى ثلاثة أقسام رئيسة وهي: القبليات، واللخميات، والغسانيات، وهذه الأقسام هي مجمل ما يحويه ديوان الذبياني، وتتضمن قصائده المدح والغزل والرثاء ومجملها لغرض يكسب من خلاله قوت عيشه.

معلقة النابغة الذبياني:

معلقة النابغة مبينة على البحر البسيط، وهي أشهر اعتذار له، وقد نجح فيها بالتغلب على غضب النعمان، وفاز برضاه وصفحه ومسامحته، وتعد من أشهر قصائده، وفيها وقف على الأطلال ووصف الثور والناقة، ومدح النعمان وكذَّب كل من وشى عليه أمامه، كما طلب عفوه ورضاه.

في الختام:

نتمنَّى أن يكون ما قدَّمناه من معلومات عن النابغة الذبياني كافياً ووافياً، فالأدب العربي كما هو معروف بحر واسع كلما تعمقنا فيه أكثر، وجدنا معلومات أكثر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى