Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التدريس والتعلم

أشهر قصائد الخنساء


سنستعرض في هذا المقال بعض أشهر قصائد الخنساء في رثاء أخويها، ونُحلِّل خصائصها الفنية، ونُسلِّط الضوء على تأثيرها في الشعر العربي، وسنتعرف إلى شعر الخنساء في مدح الرسول، وشعر الخنساء في الفخر، وشعر الخنساء عن الحب؛ لذا إذا كنتَ من المهتمين بشعر الرثاء، فما عليك إلا أن تتابع معنا في هذا المقال.

شعر الخنساء في الفخر:

الخنساء هي “تماضر بنت عمرو بن الحارث” شاعرة عربية فذة من العصر الجاهلي، واشتُهرت بشعرها الرفيع، وخلَّدت اسمها بأشعارها في الرثاء والفخر؛ لذا قررنا في هذا المقال أن نتكلم عن شعر الخنساء.

برزَت الخنساء في مجال الفخر بصفتها شاعرة قوية ومتمكنة تُدافع عن قومها وعشيرتها وأهلها، وتُفاخر أيضاً بمآثرهم وشجاعتهم وخصالهم الحميدة؛ إذ تميَّز شعرها بالفخر القومي، فعبَّرت عن اعتزازها بانتمائها لقبيلة “بني سليم” وافتخرت بأخلاقهم وفضائلهم.

تميَّز شعرها بالفخر الشخصي؛ إذ عبَّرت عن فخرها بنفسها وشخصيتها القوية وقدرتها على مجابهة صعاب الحياة، والآن سنذكر أشهر قصائد الخنساء في الفخر:

“ألا لا أرى في الناس مثل معاوية”:

تفتخر الخنساء في هذه القصيدة بأخيها “معاوية بن عمرو”، وتُشيد بشجاعته وكرمه، فتقول:

أَلا لا أَرى في الناسِ مِثلَ مُعاوِيَة

إِذا طَرَقَت إِحدى اللَّيالي بِداهِيَة

بِداهِيَةٍ يَصغى الكِلابُ حَسيسَها

وَتَخرُجُ مِن سِرِّ النَّجِيِّ عَلانِيَة

أَلا لا أَرى كَالفارِسِ الوَردِ فارِساً

إِذا ما عَلَتهُ جُرأَةٌ وَعَلانِيَة

وَكانَ لِزازَ الحَربِ عِندَ شُبوبِها

إِذا شَمَّرَت عَن ساقِها وَهيَ ذاكِيَة

وَقَوَّادَ خَيلٍ نَحوَ أُخرى كَأَنَّها

سَعالٍ وَعِقبانٌ عَلَيها زَبانِيَة

بَلَينا وَما تَبلى تِعارٌ وَما تُرى

عَلى حَدَثِ الأَيَّامِ إِلَّا كَما هِيَة

فَأَقسَمتُ لا يَنفَكُّ دَمعي وَعَولَتي

عَلَيكَ بِحُزنٍ ما دَعا اللَهَ داعِيَة

ألا ابكِ على صخرٍ وصخرٌ ثِمالُنا:

ترثي الخنساء أخيها “صخراً” في هذه القصيدة وتفخر بمآثره وشجاعته، وتقول:

أَلا ابكِ عَلى صَخرٍ وَصَخرٌ ثِمالُنا

إِذا الحَربُ هَرَّت وَاستَمَرَّ مَريرُها

أَقامَ جَناحَي رَبعِها وَتَرافَدوا

عَلى صَعبِها حَتَّى اِستَقامَ عَسيرُها

بِبارِقَةٍ لِلمَوتِ فيها عَجاجَةٌ

مَناكِبُها مَسمومَةٌ وَنُحورُها

أَهَلَّ بِها وَكفُّ الدِماءِ وَرَعدُها

هَماهِمُ أَبطالٍ قَليلٌ فُتورُها

فَصَخرٌ لَدَيها مِدرَهُ الحَربِ كُلَّها

وَصَخرٌ إِذا خانَ الرِجالُ يُطيرُها

مِنَ الهَضبَةِ العُليا التي لَيسَ كَالصَفا

صَفاها وَما إِن كَالصُخورِ صُخورُها

لَها شَرَفاتٌ لا تُنالُ وَمَنكِبٌ

مَنيعُ الذَّرى عالٍ عَلى مَن يُثيرُها

لَهُ بَسطَتا مَجدٍ فَكَفٌّ مُفيدَةٌ

وَأُخرى بِأَطرافِ القَناةِ شُقورُها

مَنِ الحَربُ رَبَّتهُ فَلَيسَ بِسائِمٍ

إِذا مَلَّ عَنها ذاتَ يَومٍ ضَجورُها

إِذا ما اقمَطَرَّت لِلمَغارِ وَأَيقَنَت

بِهِ عَن حِيالٍ مُلقِحٍ مَن يَبورُها

يُعَدُّ شعر الخنساء في الفخر نموذجاً فريداً من نوعه؛ إذ عبَّرت فيه عن مشاعرها الصادقة تجاه قومها وعشيرتها، وخلَّدت مآثرهم وشجاعتهم.

من أهم خصائص شعر الخنساء في الفخر:

1. القوة والجزالة:

تميَّز شعرها بالألفاظ القوية والمعاني الجليلة، وهذا أضفى عليه صفة الصلابة والقدرة على التأثير.

2. الصدق والعاطفة:

عبَّرت الخنساء عن مشاعرها الفياضة تجاه قومها وعشيرتها، وهذا جعل شعرها صادقاً ومؤثراً.

3. الصور البلاغية:

استخدمت الخنساء عدداً من الصور البلاغية، مثل التشبيه والاستعارة، لإضفاء مزيد من الجمال والقوة على شعرها.

إقرأ أيضاً: رثاء الخنساء لأخيها صخر

شعر الخنساء في رثاء أبنائها:

كما نعرف أنَّ الخنساء مشهورة بشعر الرثاء، نعلم أيضاً بأنَّ أخويها وألادها الأربعة قد قتلوا، ولعلَّ أول ما يتبادر إلى ذهننا عند سماع اسم الخنساء هو رثاؤها لأخويها “صخر” و”معاوية”، فقد اشتُهرت بشعرها الرثائي القوي الذي عبَّر عن عمق حزنها وفخرها بِمَن فقدت.

لكن ماذا لو قلنا لكم إنَّ الخنساء لم ترثِ أبناءها الأربعة الذين استشهدوا في معركة “القادسية”؟ قد يبدو هذا الأمر غريباً للوهلة الأولى، ولكنَّها الحقيقة؛ بل فقط قالت قولها الشهير: “الحمد لله الذي شرَّفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته”.

شعر الخنساء في مدح الرسول:

سنركز في هذا المقال أيضاً على شعر الخنساء في مدح الرسول؛ لذا لنتعرف أولاً إلى قصة إسلامها، فقد نشأت الخنساء في بيئة جاهلية، وعاشت معظم حياتها قبل الإسلام، وعُرفت بذكائها وشاعريتها، وتأثرت ببيئة الجاهلية، فكانت تفتخر وترثي وتحرِّض على القتال.

كان إسلامها نقطة تحول فارقة في حياتها، فتغيرت نظرتها للحياة والموت، فقد أسلمت الخنساء في السنة الثامنة للهجرة مع وفد من قومها “بني سليم” عندما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة.

كان إسلامها نابعاً من إيمانها العميق، واستجابة لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد تأثرت بصفاته وأخلاقه، ووجدت في الإسلام ما يُلبي احتياجاتها الروحية والنفسية.

بعد إسلامها، تغيرت موضوعات شعرها، فأصبحت تُنشِد في مدح الله ورسوله والتحريض على الجهاد ورثاء الشهداء، ومن أشهر مواقفها بعد إسلامها، موقفها مع أبنائها الأربعة عندما حثتهم على الجهاد في سبيل الله، فاستشهدوا جميعاً في معركة “القادسية”، فكان إسلام الخنساء مثالاً رائعاً على تأثير الإسلام في حياة الإنسان، وكيف يُغيِّره من الداخل ويُنير له الطريق.

على الرغم من حبها الشديد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لا توجد أيَّة قصيدة للخنساء في مدح الرسول، لكن توجد رواية للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيها، وهي:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستنشدها ويعجبه شعرها، وكانت تُنشِدُه وهو يقول: «هِيه يا خُنَاس ويُومِئُ بيده»، ولما قدم “عَدِي بن حاتم” على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحادثه فقال: “يا رسول الله إنَّ فينا أشعر الناس، وأسخى الناس، وأفرس الناس”.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «سَمِّهِم»، فقال: “أَمَّا أَشْعَرُ الناس، فامرؤ القيس بن حُجْرٍ، وَأَمَّا أَسْخَى الناس فحاتم بن سعد – يعني أباه – وَأَمَّا أَفْرَسُ الناس، فَعَمْرو بنُ مَعْدِ يكَرِبَ”.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس كما قلت يا عَدِي، أَمَّا أَشْعَرُ الناس، فالخنساءُ بنتُ عَمْرٍو، وَأَمَّا أَسْخَى الناس، فمحمد يعني نفسه صلى الله عليه وسلم، وَأَمَّا أَفْرَسُ الناس، فعلي بن أبي طالب».

شعر الخنساء عن الحب:

من المعروف عن الخنساء شاعريتها القوية ومرثياتها المؤثرة، لكن قد يتفاجأ بعضهم بمعرفة أنَّها لم تكتب أيَّة قصائد عن الحب، أو بشكل أدق لم يصل شعر الخنساء عن الحب لنا.

دائماً ما يبحث الناس عن شعر الخنساء في مدح الرسول، وشعر الخنساء في الفخر، وشعر الخنساء عن الحب، ويتفاجأ بعضهم بعدم توفُّرها أحياناً، ولكنَّ ذلك لا يعني عدم وجودها، فربما هي موجودة ولم تصل إلينا، لكن يمكن القول إنَّ رثاء الخنساء لأخيها مثال لشعر الخنساء عن الحب؛ أي حب أخيها.

قصيدة “يؤرِّقني التذكُّر حين أُمسي”:

يُؤَرِّقُني التَذَكُّرُ حينَ أُمسي  فَأُصبِحُ قَد بُليتُ بِفَرطِ نُكسِ

يُؤَرِّقُني التَذَكُّرُ حينَ أُمسي

فَأُصبِحُ قَد بُليتُ بِفَرطِ نُكسِ

عَلى صَخرٍ وَأَيُّ فَتىً كَصَخرٍ

لِيَومِ كَريهَةٍ وَطِعانِ حِلسِ

وَلِلخَصمِ الأَلَد إِذا تَعَدَّى

لِيَأخُذَ حَقَّ مَظلومٍ بِقِنسِ

فَلَم أَرَ مِثلَهُ رُزءً لِجِنٍّ

وَلَم أَرَ مِثلَهُ رُزءً لِإِنسِ

أَشَدَّ عَلى صُروفِ الدَهرِ أَيداً

وَأَفصَلَ في الخُطوبِ بِغَيرِ لَبسِ

وَضَيفٍ طارِقٍ أَو مُستَجيرٍ

يُرَوَّعُ قَلبُهُ مِن كُلِّ جَرسِ

في الختام:

نرى أنَّ الخنساء شاعرةٌ مُبدعةٌ خلَّدت اسمها في التاريخ العربي بأشعارها الرقيقة العميقة، وخصوصاً في رثائها لأخويها “صخر” و”معاوية”، فقد تميَّزت قصائدها بقوة المشاعر وصدق التعبير، وباتت مثالاً يُحتذى به في فن الرثاء.

لم تقتصر إبداعات الخنساء على الرثاء فقط؛ بل نظمت أيضاً في الفخر والحكمة والمدح، ونجحت في جميع الأغراض الشعرية التي خاضتها، وهذا جعلها من أهم شاعرات في ذلك العصر، وإلى اليوم تُقرَأ قصائد الخنساء وتُدرَّس في المناهج الدراسية، وتُعَدُّ من روائع الشعر العربي؛ لذا كان لا بد لنا التعرف إلى شعر الخنساء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى