Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التدريس والتعلم

من هو إيليا أبو ماضي؟ نسبه وحياته وشعره


يُعَدُّ “إيليا أبو ماضي” من أهم شعراء المهجر، وله مكانة مرموقة في تاريخ الأدب العربي، فقد ساهم في إثراء الشعر العربي بموضوعات جديدة وأسلوب متميز، وظل شعره خالداً حتى اليوم يُقرَأ ويُتَذوَّق من قِبل الأجيال العربية المتعاقبة.

سنغوص في هذا المقال في أعماق شعر “إيليا أبو ماضي”، ونحلل أفكاره ومشاعره، ونسلط الضوء على أهم موضوعاته الشعرية، وسنقدِّم أيضاً لمحة عن حياته الشخصية، ونناقش تأثيره في الأدب العربي.

حياة إيليا أبو ماضي:

عاش “إيليا أبو ماضي” حياة مليئة بالتحديات والإنجازات، بدءاً من طفولته الفقيرة في قرية “المحيدثة” في “لبنان”، إلى رحلة هجرته إلى “مصر” ثم الولايات المتحدة، تاركاً بصمة عميقة في عالم الشعر والأدب.

النشأة والطفولة:

وُلد “إيليا أبو ماضي” عام 1889م في قرية “المحيدثة” في “لبنان” لعائلة فقيرة، ودرس في مدرسة “المحيدثة” القائمة في جوار الكنيسة، ولم يتمكن من إكمال تعليمه بسبب ظروفه المادية.

الهجرة إلى مصر:

هاجر “أبو ماضي” إلى “مصر” عام 1902م مع عائلته، واستقر في “الإسكندرية”، وعمل في التجارة وبيع التبغ، ثم اتجه إلى الكتابة والصحافة، ونشر ديوانه الأول “تذكار الماضي” عام 1911م.

الهجرة إلى الولايات المتحدة:

هاجر “أبو ماضي” إلى الولايات المتحدة عام 1912م، واستقر في “سينسيناتي”، ثم “نيويورك”، وعمل في التجارة مع أخيه، ثم اتجه إلى العمل الصحفي والشعر، وشارك في تأسيس الرابطة القلمية مع “جبران خليل جبران” و”ميخائيل نعيمة”.

حياته في المهجر:

أصدر “أبو ماضي” عدداً من الدواوين الشعرية، منها “ديوان إيليا أبي ماضي” (1916)، و”الجداول” (1927)، و”الخمائل” (1946)، وعمل في تحرير عدد من الصحف والمجلات، مثل “مرآة الغرب”، و”السمير”، ونال شهرة كبيرة في العالم العربي وبلاد المهجر.

وفاته:

توفي “إيليا أبو ماضي” عام 1957م في “نيويورك” إثر نوبة قلبية.

إنجازات إيليا أبو ماضي:

  1. يُعَدُّ “إيليا أبو ماضي” من أهم شعراء المهجر في أوائل القرن العشرين.
  2. تميز شعره بالرقة والعذوبة والصور الجميلة.
  3. تناول في شعره عدداً من الموضوعات، مثل الحب والحياة والموت والوطن.
  4. ساهم في نشر الثقافة العربية في الولايات المتحدة.

شعر إيليا أبو ماضي:

1. قصيدة “أَلا أَيُّها الباكي فَدَيتُكَ باكِياً”:

أَلا أَيُّها الباكي فَدَيتُكَ باكِياً

عَلامَ وَفيما تَستَحِثُّ المَآقِيا

رُوَيدَكَ ما أَرضى لَكَ الحُزنَ خِلَّةً

وَهَيهاتَ أَن أَرضاكَ بِالحُزنِ راضِيا

يُعَنِّفُني مَن كُنتُ أَدعوهُ صاحِباً

فَما انفَكَّ حَتَّى بِتُّ أَدعوهُ لاحِيا

دَعَوتُ لِرَبِّي أَن دَعانِيَ لائِمٌ

وَلَم أُعصِهِ أَن لا يُجيبَ دُعائِيا

لَقَد أَرخَصَ العُذَّالَ عِندِيَ قَولُهُم

إِذا هَمَتِ العَينانُ أَرخَصتُ غالِيا

أَأَمنَعُ ماءَ ما يَروي أَخا صَدىً

وَقَد كُنتُ لا أَحمي المَناهِلَ صادِيا

عَلَيَّ البُكا وَالنَّوحُ ضَربَةُ لازِبٍ

وَإِنِّي لَأَبكي أَنَّني لَستُ باكِيا

وَكَيفَ ارتِياحي بَعدَ هِندٍ وَبَينَنا

مَهامِهُ لا تُلقى بِها الريحُ هادِيا

يَظَلُّ بِها السَرحانُ يَعوي مِنَ الطَوى

نَهاراً وَيَطوي لَيلَهُ الخَوفُ طاوِيا

لَقَد كُنتُ أَخشى أَن يُفَرِّقَ بَينَنا

فَأَصبَحتُ أَخشى اليَومَ أَن لا تَلاقِيا

فَيا مَن لِقَلبٍ لا تَنامُ هُمومُهُ

وَيا مَن لِعَينٍ لا تَنامُ اللَيالِيا

رَأَيتُ اللَيالي ما تَزالُ تَروعُني

بِأَحداثِها ما لِلَّيالي وَما لِيا

وَلَم يَبقَ عِندَ الدَهرِ خَطبٌ أَخافُهُ

فَكَيفَ اعتِذارُ الدَهرِ إِن رُحتُ شاكِيا

إِذا لَم تَكُن لِيَ آسِياً أَو مُؤاسِيا

فَلا تَكُ لَوَّاماً وَذَرني وَما بِيا

فَإِنِّي رَأَيتُ اللَومَ يُذكي صَبابَتي

كَذاكَ عَهِدتُ الزِّندَ بِالقَدحِ راوِيا

أَلا حَبَّذا مِن سالِفِ العَيشِ ما مَضى

وَيا حَبَّذا لَو كانَ يَرجِعُ ثانِيا

زَمانٌ كَقَلبِ الطِفلِ صافٍ وَكَالمُنى

لَذيذٌ وَلَكِن كانَ كَالحِلمِ فانِيا

أَحِنُّ إِلَيهِ في العَشِيِّ وَفي الضُّحى

حَنينَ غَريبٍ جاءهُ الشَوقُ داعِيا

وَأَذكُرُهُ ذِكرى العَجوزِ شَبابَها

وَأَبكي لَدى ذِكراهُ أَحمَرَ قانِيا

وَلَولا أُمورٍ في الفُؤادِ أَسُرُّها

جَعَلتُ عَلَيهِ الدَّهرَ وَقفاً لِسانِيا

خَليلَيَّ أَعوامُ السُرورِ دَقائِقٌ

وَأَيَّامُهُ كادَت تَكونُ ثَوانِيا

وَأَجمَلُ أَيَّامِ الفَتى زَمَنُ الصِّبى

وَخَيرُ الصِّبا ما كانَ في الحُبِّ نامِيا

رَعى اللَهُ أَيَّامي التي قَد أَضَعتُها

فَكُنتُ كَأَنِّي قَد أَضَعتُ فُؤادِيا

لَيالِيَ لا هِندُ تُصَدِّقُ واشِياً

وَلا هِيَ تَخشى أَن أُصَدِّقَ واشِيا

وَيا طالَما بِتنا وَلا ثالِثَ لَنا

سِوى الراحِ نُدنيها فَتُدني الأَمانِيا

وَدارُ حَديثُ الحُبِّ بَيني وَبَينَها

فَطَوراً مُناجاةً وَطَوراً تَشاكِيا

2. قصيدة “قُلتُ السَّعادَةُ في المُنى فَرَدَدتَني”:

قُلتُ السَّعادَةُ في المُنى فَرَدَدتَني

وَزَعِمتَ أَنَّ المَرءَ آفَتُهُ المُنى

وَرَأَيتُ في ظِلِّ الغِنى تِمثالَها

وَرَأَيتَ أَنتَ البُؤسَ في ظِلِّ الغِنى

ما لي أَقولُ بِأَنَّها قَد تُقتَنى

فَتَقولُ أَنتَ بِأَنَّها لا تُفتَنى

وَأَقولُ إِن خُلِقَت فَقَد خُلِقَت لَنا

فَتَقولُ إِن خُلِقَت فَلِم تُخلَق لَنا

وَأَقولُ إِنِّي مُؤمِنٌ بِوُجودِها

فَتَقولُ ما أَحراكَ أَن لا تُؤمِنا

وَأَقولُ سِرٌّ سَوفَ يُعلَنُ في غَدٍ

فَتَقولُ لا سِرُّ هُناكَ وَلا هُنا

يا صاحِبي هَذا حِوارٌ باطِلٌ

لا أَنتَ أَدرَكتَ الصَوابَ وَلا أَنا

خصائص شعر إيليا أبو ماضي:

1. المضمون:

  • النزعة الإنسانية: تميز شعر “إيليا أبو ماضي” بالنزعة الإنسانية؛ إذ دعا إلى التسامح والعدالة والمساواة بين الناس، ونبذ التعصب والطائفية.
  • التأمل الفلسفي: اهتم “أبو ماضي” بالتأمل في أسرار الكون والحياة، وبرز ذلك في قصائده التي تناولت موضوعات فلسفية مثل الزمن والموت والحب والجمال.
  • الاهتمام بالطبيعة: عبَّر “أبو ماضي” عن حبه للطبيعة ووصف جمالها في عدد من قصائده، مستخدماً الصور البلاغية والتشبيهات الرائعة.
  • الوطنية: لم ينسَ “أبو ماضي” وطنه الأم “لبنان”، فكتب عدداً من القصائد التي عبَّر فيها عن حبه لوطنه وشعوره بالحنين إليه.

2. الأسلوب:

  • الوضوح والبساطة: تميز أسلوب “أبو ماضي” بالوضوح والبساطة، بعيداً عن التعقيد والغموض، وهذا سهل على القارئ فهم أفكاره ومشاعره.
  • الموسيقى والانسجام: اهتم “أبو ماضي” بموسيقى شعره وحرص على انسجام الألفاظ وتناسق القوافي، وهذا أضفى على شعره جمالاً وتميزاً.
  • التنوع في الأوزان والقوافي: تنوعت أوزان وقوافي شعر “إيليا أبو ماضي”، فاستخدم الأوزان العربية التقليدية مثل البحر الكامل والبحر المتقارب، كما استخدم الأوزان الحديثة مثل الشعر الحر.
  • الصور البلاغية: تميز شعر “إيليا أبو ماضي” بالصور البلاغية الجميلة مثل التشبيهات والاستعارات والكنايات، وهذا أضفى على شعره عمقاً وجمالاً.

شاهد بالفديو: أشهر الكتاب والأدباء العرب ومؤلفاتهم

 

3. التأثير:

  • تأثيره في شعراء المهجر: كان لـ “إيليا أبو ماضي” تأثير كبير في شعراء المهجر؛ إذ عَدَّه كثير من الشعراء رائداً من رواد هذا الشعر.
  • تأثيره في الشعراء العرب: لم يقتصر تأثير “إيليا أبو ماضي” في شعراء المهجر فقط؛ بل امتد إلى الشعراء العرب في كل مكان، فقد تأثروا بأسلوبه وأفكاره.

4. مكانته:

  • يُعَدُّ “إيليا أبو ماضي” من أهم شعراء المهجر الأمريكي.
  • أدى دوراً هاماً في تأسيس الرابطة القلمية في “نيويورك”.
  • ساهم في إثراء الأدب العربي الحديث بأفكاره وأسلوبه المميز.

ملاحظة: هذه بعض خصائص شعر “إيليا أبو ماضي”، ولا يمكن حصرها؛ إذ يوجد عدد من الخصائص الأخرى التي تُميِّز شعره.

وفاة إيليا أبو ماضي:

في يوم 23 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1957م رحل عن عالمنا الشاعر الكبير “إيليا أبو ماضي”، تاركاً خلفه إرثاً أدبياً غنياً من الشعر والنثر، فقد عاش “أبو ماضي” حياة مليئة بالتحديات والإنجازات؛ إذ هاجر من “لبنان” إلى الولايات المتحدة الأمريكية في مطلع القرن العشرين، ليصبح أحد رواد مدرسة المهجر في الشعر العربي.

توفي “أبو ماضي” عن عمر يناهز 68 عاماً بعد صراع مع مرض عضال، فودَّعه محبُّوه ومريدوه في مدينة “نيويورك”؛ حيث أُقيمت له جنازة مهيبة حضرها عدد من الشخصيات الأدبية والثقافية.

ترك “أبو ماضي” خلفه ثروة أدبية ضخمة من الشعر والنثر، تضمنت 8 دواوين شعرية، وكتابات نثرية في مجالات مختلفة مثل الفلسفة والسياسة والأخلاق، وعلى الرغم من رحيله، إلا أنَّ شعر “إيليا أبو ماضي” ما يزال حياً يُقرَأ ويُدرَّس في المدارس والجامعات، ويُعَدُّ من أهم روافد الشعر العربي الحديث.

في الختام:

نستطيع القول إنَّ “إيليا أبو ماضي” ترك بصمة واضحة في تاريخ الأدب العربي، فقد أضاف شعره نكهة جديدة إلى الشعر العربي وفتح آفاقاً جديدة للتعبير عن المشاعر الإنسانية، كما أنَّ أفكاره الفلسفية والاجتماعية أثرت في عدد من الشعراء والأدباء؛ لذا كان لا بد من الاطلاع على شعر هذا الشاعر الكبير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى