كيفية التعامل مع الطفل الذي لا يحب المدرسة
في الحقيقة، يُلاحظ أن الأطفال في سن مبكرة يظهرون مقاومة للذهاب إلى الروضة أو المدرسة عندما يبلغون سن 5 أو 6 سنوات، ويمتد هذا السلوك أحياناً إلى فترة بداية المراهقة، حيث يبدي بعض الشباب اليافعين البالغين 12 سنة مقاومة للمدرسة الإعدادية، الأطفال الصغار في مرحلة الطفولة المبكرة يشعرون براحة نفسية عندما يكونون في المنزل، حيث يستمتعون بصحبة العائلية والروتين والأمان الذي يوفره البيت بمحتوياته اليومية التي ربما لا تتغير، إن الشعور بالأمن والراحة يسود حياتهم.
ومن هنا، يظهر الاضطراب والخوف لدى الأطفال عندما يحين وقت الذهاب إلى المدرسة، حيث يظهر لديهم ما يُعرف برفض الذهاب إلى المدرسة School refusal، هذه الظاهرة تعتبر مصدر قلق كبير للوالدين والمربين على حد سواء، في هذا المقال نوضح المقصود برفض الطفل الذهاب إلى المدرسة وما هي الأسباب الممكنة وراء هذا الرفض ونقدم أفضل الحلول للتعامل مع الطفل الذي لا يحب المدرسة.
رفض الطفل الذهاب للمدرسة
رفض الطفل الذهاب للمدرسة، مصطلح يغطي جميع الحالات التي لا يحب فيها الطفل المدرسة ويرفض الذهاب إليها ويظهر عدم ارتياح تجاهها، حيث يجد صعوبة في الذهاب إليها و البقاء فيها، فهو عبارة عن شكاوى مبهمة من قبل الطفل تجاه المدرسة وإحجام مستمر عن الذهاب إليها وتفضيل البقاء في المنزل.
أسباب عدم حب الطفل للمدرسة ورفضه الذهاب إليها
في كثير من الأحيان، يجد الوالدان أنفسهما مواجهين لموقف محير ومحبط عندما يرفض طفلهما الصغير الذهاب إلى المدرسة، ويظهر عدم حبه لها ورغبة كبيرة في البقاء في المنزل، لكن في الحقيقة هناك مجموعة كبيرة من الأسباب التي يمكن أن تكون السبب في هذا التصرف، أهمها:
- إيجاد الطفل صعوبة في الالتزام بأوقات الدوام المدرسي وبرامجها، فالأوقات الصباحية الباكرة أو الجداول الدراسية الطويلة محفزة لرفض الطفل للذهاب إلى المدرسة.
- شعور الطفل بالمشاعر السلبية عند الذهاب للمدرسة مثل التنمر أو الإحساس بعدم الراحة، مما يجعله يرفض العودة إليها.
- إيجاد الطفل صعوبة في إقامة علاقات اجتماعية مع الأطفال الآخرين، فقد يشعر الطفل بالعزلة أو الخجل ويجد صعوبة في التفاعل مع زملائه، مما يؤدي إلى عدم رغبته في الذهاب إلى المدرسة.
- رغبة الطفل في البقاء مع الوالدين أو الذهاب معهم إلى عملهم و الانضمام إليهم في أنشطتهم اليومية.
- استمتاع الطفل بيوم إجازته الأسبوعية والرغبة في ممارسة أنشطة محببة له بشكل مستمر.
- شعور الطفل بالخجل والإحراج أو الخوف والقلق أو الحزن في المدرسة.
- انخفاض ثقة الطفل بنفسه.
- وجود اضطرابات سابقة لدى الطفل مما يدفعه للخوف من المدرسة.
- الإحساس بالضعف البدني تجاه زملائه.
- بعد المدرسة عن البيت.
- كثرة الواجبات المدرسية وشعوره بالإرهاق الجسدي والفكري.
- وجود مشاكل أسرية تؤثر في سلوك الطفل ونفسيته.
- التأثر بالحملات الإعلامية التي تنشر أخبار عن انتشار أمراض وأوبئة في المدارس.
- الإساءة الجسدية أو الجنسية أو العاطفية للطفل في المدرسة.
- التمييز بين الأطفال في المدرسة.
- عدم مناسبة طرائق التعليم في المدرسة للطفل.
كيفية التعامل مع الطفل الذي لا يحب المدرسة
1. بناء روتين يومي محبب للطفل
بناء روتين يومي يعني تنظيم جدول زمني يومي يشمل أنشطة محببة وممتعة للطفل قبل وبعد الذهاب إلى المدرسة، حدد جدول زمني لكل نشاط واحرص على احترامه بدقة.
مما يمنح الطفل شعوراً بالتنظيم والتوجيه ولا تنسى أن تجعل الروتين أكثر متعة بإضافة عناصر من المرح، مثل الاستماع للموسيقى المفضلة للطفل أثناء الاستعداد للمدرسة أو قراءة قصة قبل النوم بعد العودة من المدرسة، كما يجب أن تشجع الطفل على المشاركة في تنظيم الروتين وتحديد الأنشطة التي يرغب في القيام بها، مما يعطيه شعوراً بالتحكم والمسؤولية.
2. اختيار مدرسة قريبة من المنزل
اختيار مدرسة قريبة من المنزل يعتبر واحداً من الطرق الفعالة للتعامل مع الطفل الذي لا يحب المدرسة ويرفض الذهاب إليها، حيث أن تقليل المسافة بين المنزل والمدرسة، يقلل الضغط والإجهاد على الطفل مما يجعل الذهاب إلى المدرسة أقل عبء عليه.
وإذا كانت المدرسة قريبة، سيشعر الطفل بالراحة والأمان بالعودة إلى المنزل بسرعة في حالة الحاجة، بالإضافة لذلك يمكن استخدام هذا الإجراء لتعزيز استقلالية الطفل والسماح له بالذهاب إلى المدرسة بمفرده أو مع زملائه.
شاهد بالفديو: 8 نصائح تساعد الأطفال والآباء على الاستعداد للعودة إلى المدرسة
3. الاهتمام بنظافته حتى يلاقي التحفيز من المعلمين ويشعر بالسعادة:
عندما يكون الطفل نظيفاً ومرتباً، يشعر بثقة أكبر بنفسه ويعكس صورة إيجابية عن نفسه وعن الدعم الذي يحظى به من أسرته، وقد يشعر المعلمون بالتحفيز لمساعدته وتشجيعه بشكل أكبر، مما يزيد من فرص نجاحه في المدرسة.
وهذه المشاعر الإيجابية يمكن أن تنعكس على تجربته في المدرسة وتجعله أكثر استعدادا للمشاركة والتفاعل بإيجابية في الصف وتنمية شعوره بالحب تجاهها.
4. مراعاة اهتمامات الطفل وميوله
مراعاة اهتمامات الطفل وميوله، تؤدي إلى بناء علاقة قوية بينه وبين الوالدين والمعلمين، فهذه العلاقة تسهم في بناء الثقة بالنفس وتعزيز الدعم الذي يحتاجه الطفل للتكيف مع بيئة المدرسة، فعندما يتم مراعاة اهتمامات الطفل وميوله، يشعر بالفهم والاحترام من قبل الآخرين، مما يزيد من احتمالية استجابته بشكل إيجابي لتجاربه في المدرسة.
على سبيل المثال إذا كان الطفل يحب الفنون، فقد يتم تشجيعه على المشاركة في الدروس ذات الصلة في المدرسة.
5. تحفيز فضولهم تجاه المدرسة وما يمكن ان يتعلموه فيها:
يجب إثارة اهتمام الطفل ورغبته في استكشاف ما يمكن أن يتعلمه في بيئة المدرسة، هذه الاستراتيجية تعتمد على توجيه الطفل نحو جوانب محددة في المدرسة التي يمكن أن تثير اهتمامه وتحفزه، مثل الأنشطة الفنية أو الرياضية أو العلمية.
ومن خلال إبراز ما يمكن للطفل تحقيقه واكتشافه في المدرسة، يمكن تحفيزه لتغيير وجهة نظره حول الذهاب إلى المدرسة والاستمتاع بتجاربها.
6. متابعة دراسة الطفل ومساعدته على تجاوز الصعوبات
وفر المساعدة لطفلك في الواجب المنزلي، ووفر الدروس التعليمية الإضافية إذا كانت هناك صعوبات في فهم المواد، واعمل على تطوير مهارات الدراسة والمختلفة، بتوفير الدعم اللازم والتشجيع، يمكن للطفل أن يتجاوز الصعوبات ويشعر بالثقة بنفسه في بيئة المدرسة، مما يساعده على تقبلها بشكل أكبر وتحسين تجربته فيها وتنمية الحب تجاه هذا المكان.
7. الابتعاد عن لوم النظام المدرسي عند حدوث أي مشكلة أمام الطفل
عند حدوث أي مشكلة أمام الطفل في المدرسة، من الضروري تجنب لوم النظام المدرسي أمامه، بدلاً من ذلك، يجب التركيز على فهم المشكلة ومساعدة الطفل في حلها بطريقة إيجابية.
كما أن اللوم قد يؤدي إلى تشويه سمعة المدرسة في نظر الطفل وزيادة مشاعر الرفض والعداء تجاهها، بينما الفهم والدعم قد يساعدان في تحسين علاقة الطفل بالمدرسة وجعله يتقبلها بشكل أفضل.
8. تجنب ذكر المدرسة بأساليب غير جيدة أو بعبارات تهكمية
يجب تجنب استخدام لغة سلبية أو استخفافية عند الحديث عن المدرسة أمام الطفل، بدلاً من ذلك، يجب استخدام لغة إيجابية ومشجعة عند الحديث عن المدرسة، مما يساعد في بناء نظرة إيجابية لدى الطفل تجاه التعلم والتواصل مع المدرسة، إذا كان الطفل يشعر بأن المدرسة تُعامل بتقدير واحترام، فقد يكون أكثر استعدادا لتقبلها والاستمتاع بتجاربه فيها.
9. تجنب مشاركة منشورات مواقع التواصل الاجتماعي المسيئة للمدرسة
من خلال تجنب نشر أي مواد تشويهية أو سلبية حول المدرسة على وسائل التواصل الاجتماعي ومشاركة الأشياء الجميلة والفديوهات التحفيزية وجعل الطفل يشاهد ذلك.
يمكن للوالدين أو المعلمين خلق بيئة إيجابية وداعمة تعزز اندماج الطفل في البيئة المدرسية وبناء صورة إيجابية للمدرسة في عقل الطفل تعزز ارتباطه الإيجابي بها، مما يجعله أكثر استعدادا للتفاعل بإيجابية معها.
شاهد بالفديو: كيف تختر الحقيبة المدرسية الأفضل لطفلك؟
10. الاستماع والتعاطف
الاستماع والتعاطف مع طفلك يعتبران من أهم الطرق لجعله يحب المدرسة ويرغب في الذهاب إليها، عندما يشعر الطفل بأن والديه يستمعون له بعناية ويراعون مشاعره واحتياجاته.
يزداد ارتباطه العاطفي بالمدرسة ويتحسن تجربته التعليمية، من خلال الاستماع الفعّال لما يشاركه الطفل من تجاربه ومشاعره حول المدرسة، يمكن للوالدين بناء علاقة قوية معه وفهم أفضل للتحديات التي يواجهها في البيئة المدرسية.
بالتالي، يمكنهم تقديم الدعم اللازم وتوجيه الطفل للتعامل بشكل إيجابي مع تلك التحديات.
11. التعاون مع المدرسة
التعاون مع المدرسة يعني إقامة علاقة تعاونية وإيجابية بين الأهل والمدرسة، حيث يعملون سويا لدعم تجربة التعلم للطفل، يمكن أن يتضمن التعاون تبادل المعلومات بشكل منتظم حول تقدم الطفل وأي قضايا قد تواجهه في المدرسة، والعمل سويا على وضع استراتيجيات لمساعدته على التكيف والنجاح.
ومن خلال هذا التعاون، يشعر الطفل بالدعم من كلا الجهات ويطور روح الانتماء إلى المدرسة، مما يجعله يحبها ويرغب في الذهاب إليها.
12. استخدام تقنيات التحفيز
استخدام تقنيات التحفيز تعد أسلوباً فعّالاً لجعل الطفل يحب المدرسة و يرغب في الذهاب إليها، يمكن تقديم مكافآت أو أنشطة ممتعة كمحفز للطفل على الحضور إلى المدرسة بانتظام، يمكن أن تكون هذه المكافآت متنوعة وتتناسب مع اهتمامات الطفل، مثل اللعب بالألعاب المفضلة لديه أو القراءة له قصةً محببة.
كما يمكن استخدام جدول مكافآت يحتوي على مهام يومية في المدرسة، مع منح مكافأة بسيطة عند إكمالها بنجاح، مما يشجع الطفل على الالتزام بالمدرسة وتحقيق النجاح فيها.
13. إجراء تغيرات في البيئة المنزلية
يمكن للآباء تغيير بيئة المنزل لتشبه بعض جوانب البيئة المدرسية، مما يساعد في إشعار الأطفال بالملل والرغبة في الانخراط في الأنشطة التعليمية والاختلاط مع أقرانهم.
14. طلب المساعدة المختصة
يمكن للأهل طلب المساعدة من مختصين مثل المرشد النفسي أو المرشد الاجتماعي في المدرسة أو المعالجين النفسيين المختصين لمساعدة الطفل في التعامل مع أي صعوبات قد يواجهها في المدرسة، سواء كانت عاطفية أو أكاديمية.
وتلك المساعدة المختصة يمكن أن تساعد الطفل في تحسين تجربته في المدرسة وزيادة رغبته في الحضور والمشاركة في الأنشطة التعليمية.
في الختام
يعد التعامل مع الطفل الذي لا يحب المدرسة تحدياً يتطلب الصبر والتفهم من قبل الوالدين والمعلمين، يجب أن نتذكر دائما أن كل طفل فرد فريد بخصوصيته واحتياجاته، وأنه من المهم فهم الأسباب الكامنة وراء رفضه للمدرسة.
من خلال تبني أساليب التواصل الفعّالة وإقامة بيئة داعمة في المنزل والمدرسة، يمكننا تحفيز الطفل وتشجيعه على استكشاف المدرسة والتعلم فيها بثقة ورغبة.