التدريس والتعلم

العناصر والخطوات الأساسية لإنشاء منظمة تعليمية


إذ من الواضح أنَّ المنظمات تنظر في إمكانية أن تصبح منظمات تعليمية، ولكن يبقى السؤال: هل لديها فهم راسخ لما هو مطلوب لتصبح كذلك؟

إليك التعريف النظري التالي للمنظمة التعليمية: “تُعنى المنظمة التعليمية باكتساب المعلومات، وتحويل المعرفة المكتسبة بفاعلية إلى عمليات”؛ ولكنَّنا بصدد مناقشة الإطار العملي لهذه المنظمات في مقالتنا.

6 عناصر أساسية لبناء منظمة تعليمية

لا يمكن بناء منظمة تعليمية ذات ثقافة أداء عالية بين عشية وضحاها؛ فذلك يتطلب التخطيط الاستراتيجي وتطوير المواقف والإدارة الفعالة، وغيرها الكثير. ستؤدي كل من العناصر الستة المذكورة أدناه إلى إرساء ثقافة التعلم في المؤسسة.

1. إرساء بنية فعالة للتعلم والتطوير

يجب أن تستجيب بنية التعلم والتطوير للاحتياجات التشغيلية للمؤسسة، والأهم من ذلك أن تكون أساس خطط التنمية؛ إذ يجب إعادة تحديد آلية عمل التعلم والتطوير وهيكلته بطريقة تمكِّنه من تتبع تغيرات السوق بشكل مستقل، وتطوير استراتيجيات للمبادرة في الاستجابة، وإنشاء ممارسات تعلُّم قابلة للتطبيق دوماً.

2. تنمية عقلية التعلم بين الموظفين

الموظفون هم أساس المنظمات، فهم الذين يلتزمون بالثقافة التنظيمية ويحققون التقدم نتيجة العمل بها. لإنشاء منظمة تعليمية، عليك التأكد من أنَّ الموظفين يفهمون الأمور المتوقعة منهم فهماً واضحاً، وكيف يفيدهم ذلك، وما تفعله المنظمة لدعمهم؛ إذ تسهم الرؤية المشتركة في تعزيز ثقافة التعلم في المؤسسة. يجب أن يكون كل موظف في الشركة متحمساً للعمل نحو هدف مشترك. بالطبع، تسهيل ذلك ليس بالأمر السهل، ويتطلب الكثير من المناقشات والمراجعات في المؤسسة. ولكن، يمكن تحقيقه بالتأكيد، وسيكون أساس منظمة تعليمية.

3. إنشاء فريق في المنظمة

يتطلب بناء منظمة تعليمية المساعدة التقنية مثل تطبيق نظام إدارة التعلم (LMS)، ولكنَّ وجود فريق في المنظمة أمر في غاية الأهمية؛ لأنَّ مشاركته بنشاط مع المتدربين يساعد في تشكيل بنية أفضل للمنظمة وتحسين تجربة التعلم؛ حيث سيتمكن فريق التعلم والتطوير من إعداد المتطلبات بكفاءة، وتسهيل التدابير اللازمة للوفاء بتلك المتطلبات، ومراقبة النتائج، مما يسهم في تكيف المنظمة وتوسعها.

4. تحديد معايير الأداء القابلة للقياس

يُعد قياس فاعلية مبادرات التعلم والتطوير أهم جانب في بناء منظمة تعليمية؛ فهو يمكِّنك من قياس تأثير الأعمال، والتوافق مع استراتيجية الشركة، وتعزيز اندماج المتدربين، وتسهيل اتخاذ القرارات المدعومة بالبيانات.

5. توفير خيارات مناسبة للتعلُّم

لم يعُد التدريب في الشركات والتعلم في مكان العمل يقتصر على التدريب على الامتثال وتأهيل الموظفين؛ بل أصبح الآن جزءاً من العمليات اليومية للمنظمة. وفقاً لتقرير أعدَّته منصة “لينكدإن ليرنينغ” (LinkedIn Learning)، يفضِّل غالبية الموظفين التعلم؛ ولكنَّهم يقولون إنَّ ضيق الوقت هو السبب الرئيس لعدم قدرتهم على حضور الدورات التدريبية كما يجب. لذا، من الهام توفير خيارات مناسبة للتعلُّم، وربما اختيار نظام إدارة تعلُّم قائم على السحابة للتعلُّم عبر الهواتف المحمولة لتسهيل الأمر أكثر.

6. تحديد نموذج للتغذية الراجعة

لقد ثَبُت أنَّ هناك علاقة قوية تربط بين التغذية الراجعة والأداء العالي؛ فطلب التغذية الراجعة باستمرار من المتدربين طريقة فعالة لتحسين بنية التعلم والتطوير بكفاءة وانتظام. لذا، تفاعل مع المتدربين وتحدث عن نقاط ضعفهم المرتبطة بالدورات التدريبية التي يتلقونها، وخبراتهم التعليمية، والقدرة على تطبيق المحتوى، وغيرها. استخدم مجموعة واسعة من أساليب التغذية الراجعة لتعزيز ثقافة التعلم في المؤسسة.

شاهد بالفيديو: 9 عناصر تجعل برامج تدريب الموظفين ناجحة للغاية

  

4 خطوات لبناء منظمة تعليمية

يمكن للمنظمات والشركات ان تتحول الى منظمات تعليمية لتدريب الموظفين من خلال الدورات التدريبية والتعلم السريع واتباع الخطوات التالية: 

1. حل المشكلات وتوفير الفرص

الخطوة الأولى هي إثارة اهتمام الموظفين بالتعلم، وذلك عبر استخدام البرامج والدورات التدريبية التي تحل مشكلات الموظفين. على سبيل المثال: إذا كان فريق التسويق يعاني من انخفاض في معدلات فتح رسائل البريد الإلكتروني، فيمكنك تخصيص دورة تدريبية احترافية لكتابة البريد الإلكتروني لمساعدتهم على تحسين الرسائل التي يرسلونها.

ولكن، من الضروري أن يضيف المحتوى إلى مهاراتهم الحالية؛ ففي مثالنا يجب أن تقدم الدورة نصائح مدعومة بالأبحاث، وتستند إلى أحدث توجهات التسويق. وبعد تطبيق ما تعلُّموه في عملهم، سترتفع معدلات فتح رسائل البريد الإلكتروني، بل وسيطالبون بالمشاركة في مزيد من الدورات التدريبية لمعالجة مكامن الضعف الأخرى التي يعانون منها في مناصبهم.

تلي مرحلة حل المشكلات توفير الفرص؛ فإذا كان الموظفون يشاركون بنشاط في الدورات والبرامج التدريبية، فيمكن أيضاً تقديم بعض الحوافز النوعية والكمية. إنَّ تقديم تدريب قبل ترقية الموظفين طريقة رائعة أيضاً لتعزيز المشاركة في التعلم. على سبيل المثال: إذا كنت تفكر في ترقية أحد كبار المسؤولين التنفيذيين، فيمكنك أن تقدم له دورات تدريبية على القيادة وتقنيات بناء الفريق لتسهيل الانتقال إلى منصب المدير.

2. تجربة المحتوى

تُصمَّم جميع البرامج التدريبية لتقديم معلومات ذات قيمة للمتدربين، والتي يتم تطويرها بالتزامن مع عملية التعلم المستمر. ولكن، قد يصعب على المتدربين تذكُّر كل تلك المعلومات وتطبيقها؛ لذا ننصحك بتجربة أشكال مختلفة من المحتوى، والتي قد تناسب أنواعاً مختلفة من المتدربين، ولربما نوعاً يفضله أغلبية الموظفين في المؤسسة.

إنشاء دورات تفاعلية هو استراتيجية فعالة أيضاً؛ لأنَّها تتيح للمتدربين تطبيق الخبرات التي يكتسبونها. يمكن استخدام الاختبارات والمحاكاة والتمارين وغيرها لإنشاء دورة تفاعلية، ويتعين على المنظمات أيضاً تعزيز التعلم التعاوني للمساعدة في إنشاء بيئة تعلُّم نشطة. تتضمن بعض الأمثلة على التعلم التعاوني المنتورينغ وبرامج الأصدقاء (buddy programs) والتدريب المتبادل (cross-training) وغيرها.

3. إجراء مراجعات شاملة

تُعد التقييمات جزءاً هاماً للغاية من بناء منظمة تعليمية؛ إذ يجب أن تُجرى عمليات مراجعة متعددة الجوانب للتأكد من فاعلية كل جانب من جوانب عملية التعلم.

يمكن تقييم أداء موظف معين قبل وبعد الالتحاق بالدورة التدريبية، وتنظيم ذلك بما يتوافق مع التسلسل الهرمي التنظيمي، وأخذ عينات عشوائية من كل منصب لقياس تأثير برنامج تدريب معين. بعد الانتهاء، يمكن الانتقال إلى الخطوة التالية وتحديد جوانب النقص في عملية التعلم. يمكن أيضاً استخدام الاستطلاعات والتغذية الراجعة الفردية لاكتشاف المشكلات التي يواجهها المتدربون والعمل على حلها.

من الهام أيضاً مراجعة محتوى جميع دورات التدريب بشكل دوري. تأكد من أنَّ محتوى الدورات التدريبية ملائم، ويتم تحديثه وفق توجهات السوق، ويسهل فهمه؛ وذلك لتعزيز اندماج المتدربين.

4. الاندماج في التعلم

يُعد الاندماج في التعلم هاماً لبناء منظمة تعليمية؛ فإذا كان معدل اندماج المتدربين عالياً، فهذا يعني أنَّ الدورات تحفز المعرفة وتهم المتدربين، وتساعدهم على تحسين أدائهم في مناصبهم.

في الختام

قد يكون بناء منظمة تعليمية أمراً صعباً، ولكن مع الحصول على الدعم المناسب، يمكن تسهيل العملية. ستساعدك العناصر والخطوات التي أتينا بذكرها في مقالتنا هذه على إنشاء منظمة تعليمية فعالة تثير اندماج المتدربين، وتمنحهم تجربة تعلُّم غنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى