ألمانيا والتعليم الفني

في ألمانيا، يحصل الطلاب الذين يتم تدريبهم في برنامج التدريب المهني على راتب شهري من الشركة التي يتدربون بها، ففي المتوسط يكسب المتدرب قُرابة 795 يورو اعتماداً على المهنة والمنطقة التي يتدرب فيها، ويزداد الراتب بزيادة طردية مع كل سنة يكملها المتدرب في التدريب والخبرة (Christine Kahlen,N.D.,P.4).
من المتوقَّع أن يدعم النظام المزدوج في ألمانيا بقوة الانتقال الناجح للشباب من المدرسة إلى العمل ويضمن قوة عاملة ماهرة كشرط أساسي لاقتصاد ناجح، بالإضافة إلى أنّه يؤدي دوراً في تثقيف الشباب. بالتالي، فإنّ الهدف المركزي للتعليم والتدريب المهني في النظام المزدوج هو مساعدة الطلاب على تحقيق وتطوير الكفاءة في العمل حتى يتمكنوا من مواجهة التحديات المهنية الحالية والمستقبلية والمشاركة في تحديد حياتهم المهنية (Barbel Furstenau, et.al, 2014,P.428).
من مميزات النظام الألماني المزدوج أيضاً أنّه يوفر للشباب الذين ليس لديهم دبلوم الالتحاق بالجامعة فرصاً لتعلم التجارة والانتقال إليها بسلاسة تامّة كعمال مهرة، وبالتالي هو يعدهم للالتحاق بالتطورات والمتغيرات في سوق العمل الألماني، مما يوفر لهم وظائف تضمن مستقبل مشرق (Heike Solga, et.ak, 2014,P.1).
مؤسسات التعليم الفني في ألمانيا
أدركت ألمانيا مبكراً أنّه لا سبيل للتنمية الاقتصادية إلا عن طريق النهوض بالصناعة، ولذلك أنشأت المدارس الفنية وطوّرتها كالتالي:
1. المدارس العليا المتخصصة (FachoberSchule)
يُقبَل الطلاب الذين أنهوا الدراسة في المرحلة الإعدادية، ويحصل بعدها الطالب على شهادة المدرسة الاختصاصية العليا، وهناك مدارس عليا للهندسة، والاقتصاد، والأعمال، والإدارة، والصحة، والملاحة البحرية، والاقتصاد المنزلي، والزراعة.
2. المدرسة الثانوية المهنية (Berufsoberschule)
هي نوع من المدارس يلتحق بها الطلاب لمدة عامين، بهدف تعميق اختصاصهم المهني، وفي المدرسة تؤخذ المعرفة والقدرات والمهارات التي اكتسبها الطلاب أثناء تدريبهم المهني الأولي كأساس لتعليم نظري شامل ومتعمّق متعلق بالموضوع، والذي يهدف إلى تمكين الطلاب من متابعة التعليم العالي.
وتُغطّي المدرسة تخصصات في التكنولوجيا، والأعمال، والزراعة، والتغذية والتدبير، المنزلي والعمل الاجتماعي، والتصميم. كما يتخصص الطلاب فيها على أساس التدريب المهني الأولي المكتمل، أو العمل السابق لهم (Federal Ministry of Education and Research, 2013, P.P.36-37).
3. المدارس المهنية (BeruflichesGymnasium)
تكون مدة الدراسة في هذه المدارس ثلاث سنوات، وتسمح للطلاب بالدراسة فيها بدءاً من عمر 15 سنةً فأكثر. يدرس الطلاب فيها – إجباراً – لغةً أجنبيةً ثانيةً، بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية، أو الأسبانية أو الفرنسية.
كما لديها أيضاً مواد ذات توجُّه وظيفي، مثل إدارة الأعمال، والتكنولوجيا، وعلوم الكمبيوتر المهني، والتغذية، والصحة، والدراسات الاجتماعية، التي يمكن اختيارها في مكانها من المواد العامة كونها الدورة التدريبية المكثّفة الثانية.
ومن متطلبات الدخول في تلك المدارس الحصول على شهادة المرحلة الثانوية المتوسطة، وتدريب قصير في الشركات أو المؤسسات، ولكنّها ليست إلزامية.
في النهاية، يحصل الطلاب على شهادة تؤهلهم للدراسة الجامعية (European Center for the Development of Vocational Training, 2020, P.P.23.25).
4. المدارس التقنية العليا (TechnischeGymnasium)
يدرس الطلاب بها لمدة ثلاث سنوات، وهي تهيّئهم لكفاءات مهنية معينة، مما يؤهلهم للالتحاق بالجامعات والمعاهد العليا، يعتمد التدريس بها على التعليم والمناهج الدراسية الصادرة عن وزارة التعليم في بادن فورتمبيرغ، وذلك وفقاً للقواعد المهنية في ألمانيا.
وفي ما يلي، المواد التي تُدرَّس فيها: الألمانية، والإنجليزية، والتاريخ، والدراسات الاجتماعية، والدراسات الدينية، إضافةً إلى الأخلاق، والرياضة، والرياضيات، والفيزياء مع التدريبات المخبرية، والكيمياء، وعلوم الكمبيوتر، والاقتصاد، والتكنولوجيا البيئية (تحويل وتخزين الطاقة الشمسية، النفايات وإعادة التدوير).
وعند الانتهاء منها بنجاح، يحصل الطالب على شهادة إتمام المرحلة الثانوية (Carl Engler Schule, 2022, P.P.1-2).
5. المدارس الثانوية المتوسطة (Realschule)
تستغرق الدراسة في هذه المدارس من أربع إلى ست سنوات، وتوفر للطلاب تعليماً عاماً أكثر شمولاً وفرصة للالتحاق بدورات التعليم في المرحلة الثانوية، والذي يؤدي بدوره إلى الحصول على مؤهلات الالتحاق بالتعليم المهني أو العالي ويسمى (شهادة التعليم المتوسطة).
وتفتح هذه الشهادة الطريق للمجالات التالية: التدريب مع الوظيفة ذات نظام التعليم المزدوج، والدراسة المهنية ذات نظام اليوم الكامل (Secretariat of the Standing Conference of the Ministers of Education and Cultural Affairs, 2016, P.6).
6. المدرسة المنتجة (Produktionsschule)
تجمع بين العمل والإنتاج وتنمية كفاءات الشباب، من خلال ربط عمليات الإنتاج الحقيقية في الهياكل المتعلقة بالشركة وعمليات التعلم التي تحدث، بالمعرفة، والمهارات والسلوكات اللازمة للإدماج والتطوير وتعزيز التدريب المهني والعمالة المربحة.
ويجري الإعداد المهني بها في أربعة مجالات مهنية هي (المعادن، والخشب، وفن الطهو، والبيع بالتجزئة) بصورة التعلُّم الموجَّه نحو المنتج، وشعارها هو “التعليم من خلال عمل مفيد اجتماعياً”، وبالتالي تساعد إيجاباً في دعم الشباب وفي تطورهم الشخصي والمهني (Martin Mertens, 2013, P.P.4-5).
هذا المقال من إعداد:
د/محمد أمين حسن عثمان
دكتوراه أصول التربية والتخطيط التربوي – جامعة عين شمس