Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التدريس والتعلم

قصيدة لبيد بن ربيعة لا تزجر الفتيان


يعد لَبِيد بن ربيعة واحداً من أبرز شعراء الجاهلية الذين تألقوا بأسلوبهم الشعري البسيط والمعبر، والذي استطاع أن يلامس أوجاع النفوس ويوجه رسائله بقوة ووضوح، فسوف نستكشف في هذا المقال عن كثب مضمون قصيدة لَبِيد بن ربيعة “لا تزجر الفتيان”، ونتعرف إلى قصتها، ونقرأ أبياتها وشرحها، فتابعوا معنا.

قصة قصيدة لا تزجر الفتيان عن سوء الرعه:

تحكي قصيدة لَبِيد بن ربيعة “لا تزجر الفتيان عن سوء الرعه” قصة وقعت مع وفد من قبيلة بني عامر كان يضم الشاعر لَبِيد وهو ما يزال غلاماً صغيراً، فقد وصل الوفد إلى الملك النعمان بن المنذر، وكان من بينهم لَبِيد بن ربيعة.

انتقص الربيع بن زياد – أحد ندماء الملك – من الوفد، وهذا أدى إلى طردهم من البيت الذي أقامهم فيه الملك، ولَبِيد – بعد أن علم بالأمر – وعد الوفد بأن يجد حلاً لمشكلتهم، وفي اليوم التالي، قام لَبِيد بن ربيعة بأفعال تُظهر نيته في الهجاء وفقاً لتقاليد العصر الجاهلي، ثم وقف بين يدي الملك وألقى قصيدته التي عبر فيها عن فخره بنفسه وبقبيلته، وهاجم الربيع بن زياد وسخر منه.

أبيات قصيدة لا تزجر الفتيان:

فيما يأتي أبيات قصيدة لَبِيد بن ربيعة “لا تزجر الفتيان”:

لا تَزجُرِ الفِتيانَ عَن سوءِ الرِعَه

يا رُبَّ هَيجا هِيَ خَيرٌ مِن دعَه

يا ابنَ المُلوكِ السادَةِ الهَبَنقَعَه

أَنا للَبِيد ثُمَّ هَذي المَنزَعَه

في كُلِّ يَومٍ هامَتي مُقَزَّعَه

قانِعَةً وَلَم تَكُن مُقَنَّعَه

نَحنُ بَنو أُمِّ البَنين الأَربَعَه

وَنَحنُ خَيرُ عامِرِ بنِ صَعصَعَه

المُطعِمونَ الجَفنَةَ المُدَعدَعَه

وَالضارِبونَ الهامَ تَحتَ الخَيضَعَه

يا واهِبَ المالِ الجَزيلِ مِن سَعَه

سُيوفُ حَقٍّ وَجِفانٌ مُترَعَه

إِلَيكَ جاوَزنا بِلاداً مُسبِعَه

إِذِ الفَلاةُ أَوحَشَت في المَعمَعَه

يُخبِركَ عَن هَذا خَبيرٌ فَاسمَعَه

مَهلاً أَبَيتَ اللَعنَ لا تَأكُل مَعَه

إِنَّ استَهُ مِن بَرَصٍ مُلَمَّعَه

وَإِنَّهُ يُدخِلُ فيها إِصبَعَه

يُدخِلُها حَتَّى يُواري أَشجَعَه

كَأَنَّما يَطلُبُ شَيئاً ضَيَّعَه.

هي قصيدة عامة وعمودية، من بحر الرجز، قافيتها العين، وعدد أبياتها 10.

شرح قصيدة لا تزجر الفتيان:

إنَّ قصيدة لَبِيد بن ربيعة “لا تزجر الفتيان عن سوء الرعه”، هي إحدى أشهر القصائد في الأدب العربي، وتُظهر قدرة الشاعر على الفخر بنفسه وبقبيلته، وكذلك شجاعتهم وكرمهم.

تُعدُّ هذه القصيدة من الشعر الجاهلي المُنظوم على بحر الرجز، وهي تُعبر عن موقف الشاعر من الحياة والمجتمع والقيم العربية الأصيلة، ويُظهر لَبِيد فيها فخره بقبيلته بني عامر، ويُعلي من شأنهم ويُبرز مكانتهم الاجتماعية والقبلية، ويُشيد بصفاتهم الحميدة كالكرم والشجاعة.

يبدأ القصيدة بالنصح وعدم التسرع في الحكم على الشباب وأفعالهم، مُشيراً إلى أنَّ بعض الأفعال التي قد تبدو سيئة، قد تكون لها نتائج إيجابية، ويُعرَف لَبِيد بن ربيعة بأنَّه أحد الشعراء الفرسان الأشراف في الجاهلية ومن أصحاب المعلقات، وقد أدرك الإسلام وترك الشعر بعدها.

فيما يأتي شرح قصيدة لَبِيد بن ربيعة “لا تزجر الفتيان” بشكل مبسط لأبياتها العشرة:

  1. لا تَزجُرِ الفِتيانَ عَن سوءِ الرِعَه: ينصح الشاعر بعدم توبيخ الشباب على أخطائهم الصغيرة، فقد تكون هذه الأخطاء مفيدة في بعض الأحيان.
  2. يا رُبَّ هَيجا هِيَ خَيرٌ مِن دعَه: أحياناً تكون الفوضى أفضل من السكون والهدوء.
  3. يا ابنَ المُلوكِ السادَةِ الهَبَنقَعَه: يخاطب الشاعر النعمان بن المنذر، ملك الحيرة، مشيراً إلى نسبه الشريف.
  4. أَنا للَبِيد ثُمَّ هَذي المَنزَعَه: يعرِّف الشاعر عن نفسه بكل فخر واعتزاز.
  5. في كُلِّ يَومٍ هامَتي مُقَزَّعَه: يصف الشاعر نفسه بأنَّه يعيش حياة مليئة بالتحديات اليومية.
  6. قانِعَةً وَلَم تَكُن مُقَنَّعَه: يعبر عن رضاه وقناعته بحياته، رغم عدم امتلاكه للثروة.
  7. نَحنُ بَنو أُمِّ البَنين الأَربَعَه: يفتخر بقبيلته وأصوله.
  8. وَنَحنُ خَيرُ عامِرِ بنِ صَعصَعَه: يؤكد على شرف ومكانة قبيلته.
  9. المُطعِمونَ الجَفنَةَ المُدَعدَعَه: يصف كرم قبيلته وضيافتهم الواسعة.
  10. وَالضارِبونَ الهامَ تَحتَ الخَيضَعَه: يشير إلى شجاعتهم وقوتهم في الحرب.

أهمية قصيدة لَبِيد بن ربيعة لا تزجر الفتيان:

تعد قصيدة لَبِيد بن ربيعة “لا تزجر الفتيان” من أهم القصائد في الأدب العربي، وهي تُظهر قدرته الشعرية وحكمته وفخره بنفسه وبقبيلته، وتُعبر القصيدة عن مواقف الشاعر وتجاربه الشخصية، وتُعد مثالاً للشعر الجاهلي المُنظوم على بحر الرجز، كما أنَّها تُعبر عن القيم العربية الأصيلة مثل الكرم والشجاعة.

ماذا قال رسول الله عن الشاعر لَبِيد بن ربيعة؟

روى أبو هريرة أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال عن الشاعر لَبِيد بن ربيعة: “أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لَبِيد: ألا كلُّ ما خلا اللهَ باطلُ”، والشطر الثاني من البيت: “وكلُّ نعيمٍ لا محالةَ زائلُ”، وهذا يعبر عن مدى تقدير الرسول لحكمة لَبِيد وشعره.

إقرأ أيضاً: أدوات الجزم

لماذا توقف لَبِيد بن ربيعة عن قول الشعر بعد أن أسلم؟

لَبِيد بن ربيعة، الشاعر الجاهلي الذي أسلم، اعتزل الشعر بعد إسلامه لأسباب عدة، وأحد الأسباب هو أنَّه وجد في القرآن الكريم بديلاً عظيماً للشعر، فقد أثرت فيه فصاحته وبلاغته، كما يُذكَر أنَّه لم يجد في قلبه متسعاً لحب غير القرآن بعد أن أسلم، وقد نُقل عنه أنَّه قال بيتاً واحداً في الإسلام، وهو يُعبر عن تقديره للقرآن وما فيه من حكمة وموعظة.

اقتباسات لَبِيد بن ربيعة:

فيما يأتي أشهر إقتباسات لَبِيد بن ربيعة:

1. فلا جزع إن فرق الدهر بيننا:

 فَلا جَزِعٌ إِن فَرَّقَ الدَهرُ بَينَنا

وَكُلُّ فَتىً يَوماً بِهِ الدَهرُ فاجِعُ

فَلا أَنا يَأتيني طَريفٌ بِفَرحَةٍ

وَلا أَنا مِمَّا أَحدَثَ الدَهرُ جازِعُ

شاهد بالفديو: حقائق ومعلومات قد لا تعرفونها عن اللغة العربية

 

2. عفت الديار محلها فمقامها:

عَفَتِ الدِيارُ مَحَلُّها فَمُقامُها

بِمَنىً تَأَبَّدَ غَولُها فَرِجامُها

فَمَدافِعُ الرَيَّانِ عُرِّيَ رَسمُها

خَلَقاً كَما ضَمِنَ الوحي سِلامُها

3. من حياة قد مللنا طولها:

 مِن حَياةٍ قَد مَلِلنا طولَها

وَجَديرٌ طولُ عَيشٍ أَن يُمَلَّ

4. ألا كل شيء ما خلا الله باطل:

أَلا كُلُّ شَيءٍ ما خَلا اللَهَ باطِلُ

وَكُلُّ نَعيمٍ لا مَحالَةَ زائِلُ

وَكُلُّ أُناسٍ سَوفَ تَدخُلُ بَينَهُم

دُوَيهِيَةٌ تَصفَرُّ مِنها الأَنامِلُ

5. أتجزع مما أحدث الدهر بالفتى:

أَتَجزَعُ مِمَّا أَحدَثَ الدَهرُ بِالفَتى

وَأَيُّ كَريمٍ لَم تُصِبهُ القَوارِعُ

لَعَمرُكَ ما تَدري الضَوارِبُ بِالحَصى

وَلا زاجِراتُ الطَيرِ ما اللَهُ صانِعُ

6. وما المرء إلا كالشهاب وضوئه:

وَما المَرءُ إِلَّا كَالشِهابِ وَضَوئِهِ

يَحورُ رَماداً بَعدَ إِذ هُوَ ساطِعُ

وَما البِرُّ إِلَّا مُضمَراتٌ مِنَ التُقى

وَما المالُ إِلَّا مُعمَراتٌ وَدائِعُ

7. وما المال والأهلون إلا وديعة:

وَما المالُ وَالأَهلونَ إِلَّا وَديعَةٌ

وَلا بُدَّ يَوماً أَن تُرَدَّ الوَدائِعُ

8. ذهب الذين يعاش في أكنافهم:

ذَهَبَ الَّذينَ يُعاشُ في أَكنافِهِم

وَبَقيتُ في خَلفٍ كَجِلدِ الأَجرَبِ

ما هو وزن وبحر قصيدة لَبِيد بن ربيعة “لا تزجر الفتيان”؟

نُظِمَت قصيدة لَبِيد بن ربيعة “لا تزجر الفتيان” على بحر الرجز، وهذا البحر من البحور الشعرية المعروفة بتكرار وزنه في كل شطر من أشطر البيت الشعري، ويتميز بحركة قوية وإيقاع متسارع يناسب الحماسة والفخر، وهما من السمات البارزة في شعر لَبِيد بن ربيعة.

بحر الرجز هو أحد بحور الشعر العربي، ويتميز بخصائص معينة تجعله فريداً، ويُعرَف بحر الرجز بأنَّه يتكون من تكرار تفعيلة “مُسْتَفْعِلُنْ” ست مرات في البيت الشعري الكامل، ويُمكن أن يُستخدَم بحر الرجز بأشكال مختلفة، مثل المجزوء والمشطور والمنهوك، والتي تعتمد على عدد التفعيلات المستخدمة.

يُعد الرجز من الأوزان الشعرية التي كانت شائعة في العصر الجاهلي والإسلامي، وقد استُخدِم لكتابة الأشعار التي تُعبر عن الفخر والحماسة والحرب وغيرها من الموضوعات، كما أنَّه كان يُستخدم في نظم العلوم الدينية والشرعية لسهولة حفظه وسلاسة نظمه.

يُقال إنَّ اسم “الرجز” مُشتق من داء يُصيب الإبل يُسبب لها الرعشة، وذلك لأنَّ الشعر في هذا البحر يتميز بتناوب الحركة والسكون، وهذا يُعطي إيقاعاً يُشبه حركة الإبل المُصابة بهذا الداء.

لنأخذ مثالاً عن بحر الرجز من ألفية ابن مالك في علم النحو:

كلامُنا لَفْظٌ مُفِيدٌ كَاسْتَقِمْ

واسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفُ الكَلِمْ

هنا نرى التفعيلة “مُسْتَفْعِلُنْ” تتكرر في كل شطر من البيت الشعري، وهذا يُعطي الإيقاع المميز لبحر الرجز.

إقرأ أيضاً: الفعل المضارع في اللغة العربية

في الختام:

تعد قصيدة لَبِيد بن ربيعة “لا تزجر الفتيان” مثالاً بارزاً عن قوة الشعر في تحفيز وإلهام الشباب على تحقيق أهدافهم وتجاوز الصعاب، ومن خلال رسالتها القوية والملهمة، تظل هذه القصيدة مصدر إلهام للأجيال المتعاقبة، مؤكدة على أهمية الإيمان بالنفس وتجاوز العقبات بالإرادة والثقة.

لَبِيد بن ربيعة وقصيدته هذه تظلُّ رمزاً للشجاعة والإصرار، وتبقى محفورة في ذاكرة الشعر العربي نموذجاً يستحق الاحترام والتقدير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى