Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التدريس والتعلم

من هو بدر شاكر السياب؟ نسبه وحياته وشعره


تثقَّفَت هذه الطبقة واطلعت على الحضارات المختلفة على تجارب الأدباء في الغرب، وعملت على نقل تجاربهم إلى العالم العربي من خلال ترجمة القصائد الشعرية والنثرية الغربية، إضافة إلى محاولة جعل الشعر العربي يتحرر ويلحق بركب الشعر العالمي.

من الشعراء الذين حاولوا القيام بذلك بدر شاكر السياب، فبالرغم من وجود غيره من الشعراء سبقوه إلى تلك التجربة، إلا أنَّه بذل جهوداً كبيرة في هذا المجال، ومقالنا الحالي يعرِّفك إلى سيرة حياته التي انعكست على شعره، وكذلك خصائص شعره، فتابع القراءة.

نبذة عن بدر شاكر السياب:

بدر شاكر السياب هو شاعر عراقي الأصل، فقد وُلد في قرية تدعى جيكور تتبع لمحافظة البصرة الواقعة في جنوب العراق، وذلك في 25 كانون الثاني من عام 1926م، وكان بدر السياب ذا جسم نحيل وقامة قصيرة جعلت ملابسه تبدو فضفاضة دائماً عليه، أما من الناحية الخُلقية، فإنَّ بدر شاكر السياب كان ناقماً على المجتمع، فدفعه ذلك إلى الشيوعية كما دفعه إلى الشرب والمجون للهرب من الحياة المريرة التي أتعبته محطاتها.

كونه صاحب شخصية حساسة؛ فلم يندمج في المجتمعات التي عاش فيها، وبحث دائماً عن الطمأنينة في حياته، وعُرِف عنه أيضاً الحب الشديد للقراءة والمطالعة والبحث في كل الموضوعات وجوانب الحياة، وقد وصفه صديقه فيصل الياسري قائلاً: “وكان السياب قارئاً مثابراً، فقد قرأ كثيراً من الأدب العالمي والثقافة العالمية، كما أنَّه قرأ لكبار الشعراء المعاصرين قراءة أصيلة عن طريق اللغة الإنجليزية التي يتقنها، وكان يقرأ الكتب الدينية كما يقرأ الكتب اليسارية.

لم يكن السياب كثير الكلام، ولكنَّه كان يفتخر أنَّه من البصرة المدينة التي أنجبت الأخفش وبشار بن برد والجاحظ وسيبويه والفرزدق وابن المقفع والفراهيدي واضع عروض الشعر.

حياة بدر شاكر السياب:

نشأ بدر في قريته الواقعة بالقرب من شط العرب عند التقاء نهري الفرات ودجلة، وتربى في عائلة كغيرها من عائلات القبائل المنتشرة في القرية التي تعاني من ضيق العيش، فكان والد بدر مزارعاً وتمَّاراً ولديه ثلاثة أولاد هم بدر ومصطفى وعبد الله، أما والدة بدر فقد توفيت عندما كان في السادسة من عمره، فقامت جدته برعايته لأنَّ والده تزوج وأهمل رعاية الأولاد، ليزيد ذلك مأساة بدر إضافة إلى ضيق العيش وعقدة الجسد الضعيف.

درس في مدرسة باب سليمان الابتدائية، وفي المدرسة المحمودية، ثم في ثانوية البصرة، وتميز بالذكاء والتفوق، ثم درس في كلية التربية في بغداد في تخصص اللغة العربية، الذي غيره بعد سنة إلى اللغة الإنجليزية، وقد حصل على الإجازة فيه عام 1948م.

خلال مرحلته الجامعية انتسب للحزب الشيوعي وتمكَّن من جذب كثير من الحاقدين على الحكم نتيجة الفقر والظلم، واستطاع بشعره دخول قلوب الكثيرين، فأصبح رئيساً لاتحاد الطلبة في دار المعلمين، ولكن اتُّهم خلال تلك الفترة بعدة اتهامات، مثل التحريض على الإضراب والعصيان، فحُرِم من امتحانات الفصل الثاني عام 194، ثم سُجِن عام 1949 ومُنِع من التدريس لمدة 10 سنوات.

عندما قامت الدولة بحملة اعتقالات عام 1952، هرب بدر إلى الكويت مستخدماً جواز سفر إيراني، ثم سافر في 1962م إلى لندن يقصد العلاج، كما أنَّه حصل على شهادة دكتوراه في الآداب من جامعة أكسفورد.

في أثناء نكبة فلسطين، قرر بدر الابتعاد عن الشيوعية لتأثره بما حدث في فلسطين، ثم انضم إلى القوميين العرب وأصبح ممن يحمل هموم الأمة العربية، أما في الحب فلم يجد الفتاة التي تبادله الحب الصادق الذي حلم به بالرغم من تعدد علاقاته، ربما نتيجة بيئته وأثرها النفسي فيه، وربما لأسباب مادية وطبقية.

أما عن زواجه فكان من فتاة تقربه تدعى إقبال طه العبد الجليل، وذلك في 1955م، ولم يكن الزواج الذي حلم به، فلا يجمعه مع زوجته تقارب فكري، والوظائف التي عمل بها بدر خلال حياته متعددة منها أستاذ لغة إنجليزية، وكاتب في مديرية الأموال المستوردة في بغداد، وكاتب في شركة نفط البصرة، ومترجم في مؤسسة فرانكلين، ومراسل لمجلة حوار في بيروت، وبقيت ظروفه المالية على حالها والتحسن بسيط جداً، فقد كان معيلاً لوالده ولأطفاله الثلاثة غيداء وغيلان وآلاء.

شعر بدر شاكر السياب:

كان شعر بدر شاكر السياب وسيلة تعبير عن الآلام التي عاشها من غربة في بيت والده إلى غربة عن قريته وغربة في بيئته وفي الحب أيضاً، ويرى الباحثون أنَّ تأثر السياب بالشعراء الأجانب واضحاً في شعره، كما تأثر بالشعراء العرب، ويشكل شعر بدر السياب أهم اتجاه من اتجاهات الشعر في عصره، فقد عمل جهده للتخلص من رتابة القافية الشعرية، فقد أراد نقل الحرية من الشعر الأجنبي إلى العربي، والكتب الشعرية له بالترتيب حسب زمن الإصدار ما يأتي:

  • أزهار ذابلة.
  • أساطير.
  • حفار القبور.
  • المومس العمياء.
  • الأسلحة والأطفال.
  • أنشودة المطر.
  • المعبد الغريق.
  • منزل الأقنان.
  • أزهار وأساطير.
  • شناشيل ابنة الجلبي.
  • إقبال.
  • قيثارة الريح.
  • أعاصير.
  • الهدايا.
  • البواكير.
  • فجر السلام.

نسق التلازم بين السياب والنائب (وهذا الكتاب كان بالاشتراك مع الشاعر عبد اللطيف النائب صديق بدر شاكر السياب).

كأمثلة عن شعر بدر شاكر السياب نذكر ما يأتي:

1. أول قصيدة في كتابة الشعر الحر يقول في مطلعها ما يأتي:

هل تُسمِّينَ الَّذي ألقى هياماً؟

أم جنوناً بالأماني؟ أم غراماً؟

ما يكون الحب؟ نوحاً وابتساماً؟

أم خفوقَ الأضلعِ الحرى إذا حان التلاقي

بينَ عينينا فأطرقتِ فراراً باشتياقي

عن سماءٍ ليس تسقيني إذا ما

جئتها مستسقياً إلا أواماً

إقرأ أيضاً: من هي فدوى طوقان؟

2. مثال عن الغزل في شعره:

عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعة السَّحَرِ

أو شرفتان راحَ ينأى عنهما القمر

عيناكِ حينَ تبسمانِ تُورِقُ الكرومُ

وترقصُ الأضواءُ كالأقمارِ في نهر

يرجُّه المجذاف وهناً ساعةَ السَّحَرِ

3. مثال عن وصف معاناته مع المرض وغربته عن وطنه للعلاج:

ليتَ السفائنَ لا تُقاضي راكِبِيها عن سفار

أو ليتَ أنَّ الأرضَ كالأفقِ العريضِ بلا بِحار

ما زلتُ أحسبُ يا نقود، أعدكنَّ وأستزيد

ما زلتُ أنقص، يا نقود، بكنَّ من مَدَدِ اغترابي

ما زلتُ أوقدُ بالتماعتِكُنَّ نافذتي وبابي

في الضِّفَةِ الأخرى هناك فحدِّثيني يا نقود

متى أعود، متى أعود

واحسرتاه…. فلن أعود إلى العراق

 سألقاك لا بد لي أن أراك

4. مثال عن التعبير عن شوقه لقريته:

آه جيكور، جيكور؟

ما للضحى كالأصيل

يسحبُ النورَ مثل الجناحِ الكليل

ما لأكواخِك المقفرات الكئيبة

يحبسُ الظلُ فيها نحبَيه

أين أين الصبايا يوسوسنَ بين النخيل

عن هوى كالتِمَاعِ النجومِ الغريبة؟

أين جيكور؟

جيكور ديوان شعري

موعد بين ألواح نعشي وقبري

إضافة إلى الشعر، فإنَّ بدر شاكر السياب عُرِف بأنَّه يجيد اللغة الإنجليزية، الأمر الذي دفعه إلى ترجمة كثير من الأعمال الأدبية العالمية، ومن أبرز الترجمات الشعري والنثرية ما يأتي:

  • عيون إلزا أو الحب والحرب.
  • قصائد عن العصر الذري.
  • قصائد مختارة من الشعر العالمي الحديث.
  • قصائد من ناظم حكمت.
  • ثلاثة قرون من الأدب.
  • الشاعر والمخترع والكولونيل.

خصائص شعر بدر شاكر السياب:

بدر شاكر السياب شاعر فذ تميز شعره بعدد خصائص، وأبرزها ما يأتي:

  • اصطبغ شعره بالمراحل والمحطات التي عاشها، ولم يتوقف على حياته الشخصية، إنَّما خرج منها إلى الحياة الاجتماعية، فعمل على تحليل المجتمع وتصويره أيضاً.
  • تميز شعره بالتأثر بالشعر الغربي، فتحرر بدر من عدة تفاعيل وعمل على تنويع القوافي، فلم يتبع نظاماً معيناً في شعره، وساعد على نشر هذا النوع من الشعر الذي يدعى الشعر الحر.
  • تميز السياب بالثورة الفكرية في شعره، فتغلل شعره في نفوس السامعين، وكان بمنزلة عصف فكري وعاطفي اعتمد على غزارة المعاني وصدق الصورة والإلحاح على المشاهد المثيرة التي تدفع الفرد للثورة والتحرر.
  • شعر بدر مميز بصحة التراكيب، إضافة إلى محاولته في المحافظة على الوزن بالرغم من سعيه إلى التحرر من الشكل.

وفاة بدر شاكر السياب:

كانت السنوات الأخيرة من حياة بدر شاكر السياب صعبة، فقد بدأت صحته بالتدهور في عام 1961، فالألم في ظهره أصبح شديداً وبدأت علامات الضمور تظهر على أعضاء جسده وخاصة قدميه، وكان ينتقل في تلك الفترة بين بيروت وبغداد وباريس سعياً إلى الحصول على علاج مناسب ولكن دون جدوى.

ثم انتقل إلى الكويت وأقام في المستشفى التي قامت برعايته إلى وفاته في عام 1964 في 24 كانون الأول تحديداً، وكان حينها بدر شاكر السياب في عامه 38، ونُقِل الجثمان إلى قرية جيكور في البصرة ليشيعه أهله وأبناء قريته فقط.

في الختام:

بدر شاكر السياب شاعر عراقي ترك بصمة هامة في تاريخ الشعر، فهو أحد رواد الشعر الحر في العالم العربي، فقد تأثر بالشعر الغربي وحاول نقل التحرر إلى الشعر العربي، وواجه بدر في حياته كثيراً من الصعاب وضيق العيش، ولم يجد الحب الذي يُشعِرُه بالطمأنينة والأمان، فانعكس ذلك على شعره، كما أنَّه تأثر بالمجتمع والأحداث في العالم العربي، وكتب عن هموم الشعب وطمح لمستقبل أفضل، وعانى بدر من مرض جعل سنواته الأخيرة صعبة إلى أن توفي نتيجته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى