Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التدريس والتعلم

هل يتعلم الجميع بنفس المعدل؟


ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب “سكوت يونغ” (Scott Young)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربة مثيرة عن معدل التعلم.

لقد أردتُ في المقام الأول دحض الاعتقاد السائد بأنَّ المهارات والمعرفة التي يمكنك اكتسابها تتوقف في النهاية على الموهبة، ولا يمكن لأي شخص أن يصبح طبيباً، أو فيزيائياً، أو فناناً بحسب المنطق، وذلك لأنَّ كل شخص يستطيع تعلُّم مقدار معين لا يمكنه تجاوزه.

مع ذلك، ربما كنت على خطأ عندما قلت إنَّ الاختلاف الأساسي بين الطلاب هو معدل التعلم، إذ اطلعتُ على بحث جديد يشير إلى أنَّ معدل التعلم بين الطلاب لا يختلف كثيراً في الواقع، وإنَّما الاختلاف بين الطلاب في الغالب هو معرفتهم السابقة.

نمط مدهش في معدل تعلم الطلاب:

كتب اختصاصي علم النفس “كينيث كودينجر” (Kenneth Koedinger) وزملاؤه بحثاً بعنوان “نمط مدهش في معدل تعلم الطلاب”، لقد راقبوا أكثر من 6000 طالباً مشاركاً – من المدرسة الابتدائية إلى الكلية – في دورات عبر الإنترنت في الرياضيات والعلوم وتعلم اللغات.

من خلال الدورات التدريبية عبر الإنترنت، تمكن مُعِدُّو البحث من تتبع الدروس والاختبارات التي خضع لها الطلاب جيداً، ثم قسَّموا ما يتعلمه الطلاب إلى مكونات معرفية، وأنشؤوا نموذجاً يحدد العوامل الفردية المسؤولة عن تعلم كل موضوع.

يقسم النموذج ما يتعلمه الطلاب إلى معرفة سابقة مستنتجة من أدائهم في اختبارات أُجريَت قبل التدريس، ثم قياس أدائهم بعد التدريس؛ على الفور، لاحظ مُعِدُّو الدراسة أنَّ الطلاب يدخلون الصفوف الدراسية مع وجود اختلافات كبيرة في المعرفة السابقة، وبلغ متوسط ​​الأداء قبل التدريس 65%، وكانت نسبة الطلاب ذوي الأداء الضعيف 55% والطلاب الذين يقدمون أداءً جيداً 75%.

يعني هذا الاختلاف في المعرفة السابقة حاجة الطلاب إلى مقدار معين من الممارسة اللازمة لتحقيق الإتقان الذي عرَّفه مُعِدُّو الدراسة بأنَّه احتمالية نجاح تبلغ 80%، فيحتاج الطلاب المتفوقون إلى ما يقرب من 4 فرص لإتقان عنصر معرفي معين، بينما يحتاج الطلاب الأضعف إلى أكثر من 13 فرصة؛ وهذا فرق كبير.

مع ذلك، كان معدل التعلم بين الطلاب المتفوقين والأضعف متساوياً تقريباً، إذ تحسَّنت كلتا المجموعتين بالوتيرة نفسها، وحقق الطلاب زيادة في دقة الإجابات بنسبة 2.5% تقريباً لكل فرصة تعلم، ولقد كان الأمر ببساطة هو أنَّ الطلاب الأفضل كانوا يتمتعون بمزيد من المعرفة السابقة؛ لذلك لم يحتاجوا إلى وقت طويل للوصول إلى الإتقان.

في حين وجد مُعِدُّو الدراسة اختلافاً طفيفاً في معدلات التعلم، فقد كان تأثير المعرفة السابقة هائلاً، ووفقاً لهذا النموذج، يحتاج الطلاب إلى ما معدله سبع فرص تدريبية لكل عنصر معرفي لتحقيق الإتقان، وعند تساوي مستوى المعرفة السابقة بين المتعلمين “السريعين” و”البطيئين”، احتاج المتعلمون “البطيئون” إلى فرصة تدريب إضافية واحدة فقط للتعادل مع المتعلمين “السريعين”.

شاهد بالفيديو: 12 نصيحة لتسريع عملية التعلم

 

إذا كان الجميع يتعلم بالوتيرة نفسها، فما هو سبب التفاوت في المعرفة؟

لقد فاجأتني هذه النتيجة، لكنَّها لم تكن المرة الأولى التي أواجه فيها هذا الادعاء، فقد توصَّل العالم التربوي “غراهام ناتال” (Graham Nuthall) إلى نتيجة مماثلة في بحثه الشامل في الصفوف الدراسية، مفادها أنَّ الطلاب احتاجوا إلى نحو خمس فرص لتعلم جزء معين من المعرفة، وأنَّ معدل التعلم لم يختلف بين الطلاب على الرغم من أنَّ المعرفة السابقة كانت مختلفة.

مع ذلك، هذا يثير سؤالاً بديهياً “إذا كانت معدلات التعلم متساوية، فلماذا يدخل بعض الطلاب إلى الصفوف الدراسية مع معرفة سابقة أكثر بكثير؟” إليك بعض الأسباب:

1. يكتسب بعض الطلاب مزيداً من المعرفة خارج المدرسة:

أحد النتائج الشهيرة لتعلم المفردات في وقت مبكر هو أنَّ الأطفال من العائلات الثرية يتعرضون لكلمات أكثر بكثير من أولئك الذين ينتمون إلى خلفيات اجتماعية واقتصادية فقيرة أو من الطبقة العاملة.

2. قد يكون بعض الطلاب أكثر اجتهاداً وفضولاً وانتباهاً:

لاحظ مُعِدُّو الدراسة أنَّ نموذج التعلم يتفق أكثر مع البيانات التي حصلوا عليها عندما تُحسب فرص التعلم، وليس الوقت المنقضي، أي إذا حصل الطالب على فرص تعلم داخل الصف نفسه (من خلال الاهتمام بالمحاضرات، والقيام بالواجبات المنزلية، وما أشبه ذلك) أكثر بكثير من زميله، فسوف تكون معدلات التعلم الإجمالية مختلفة اختلافاً كبيراً، حتى لو كان معدل التعلم لكل فرصة متساوياً.

3. ربما يكون معدل التعلم متساوياً فقط في بيئات التعلم عالية الجودة:

من النتائج الشائعة في جميع البحوث المتعلقة بالتعليم أنَّ الطلاب ذوي الكفاءة المنخفضة يستفيدون من مزيد من التوجيه والتعليم الدقيق والشامل وزيادة الدعم، وقد تتباين معدلات التعلم في البيئات الأقل ملاءمة للمتعلم من تلك المذكورة في البحث.

الاحتمال الآخر هو أنَّ الاختلافات الصغيرة في معدلات التعلم تزداد مع مرور الوقت، وأولئك الذين يتعلمون على وجه أسرع (أو حصلوا على بيئات تعليمية أكثر ملاءمة في وقت أبكر) قد يبحثون عن مزيد من فرص التعلم والممارسة، وهذا يؤدي إلى زيادة فجوة الاختلافات بمرور الوقت.

في بحوث القراءة، تبين أنَّ أولئك الذين لديهم القليل من القدرة الإضافية في القراءة، يجدون القراءة بسهولة ومتعة، ويحصلون على مزيد من التدريب، ويعززون قدرتهم إلى أقصى حد.

مع ذلك، ثمة دليل يتعارض مع هذا الرأي، وهو حقيقة أنَّ قابلية وراثة القدرة الأكاديمية تزداد كلما تقدمنا ​​في السن، فجينات المراهقين أكثر تنبؤاً بذكائهم من جينات الأطفال الأصغر سناً، وهذا النوع من النمط لا معنى له إذا كنَّا نعتقد أنَّ الفجوات الكبيرة في القدرات الأكاديمية ترجع ببساطة إلى حلقات التغذية الراجعة الإيجابية، وهذا من شأنه أن يوحي بأنَّ أولئك الذين كان أداؤهم – بفضل عوامل عشوائية – أحسن من المتوقع منهم سوف يستمرون في تعزيز تفوقهم، بدلاً من التراجع إلى المستوى المتوسط.

في الختام:

بصرف النظر عن تلك الأسئلة المتبقية، فقد وجدتُ بحثَ “كودينجر” رائعاً، سواء لتقديمه فرضية مثيرة فيما يتعلق بالتعلم، أم لجهوده في وضع نماذج منهجية لمكونات المعرفة المستخدمة في التعلم، وتقديم تحليل أدق من معظم التجارب التي تعتمد فقط على عدد قليل من الاختبارات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى