Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التدريس والتعلم

قصة معلقة النابغة الذبياني مع أبياتها وشرحها


قصة مُعلَّقة النابغة الذبياني:

تشبه مُعلَّقة “النابغة الذبياني” “يا دار مية” إلى حد كبير جميع أشعار العصر الجاهلي، بالوقوف على أطلال المحبوبة يصف ديارها ويسمي الأماكن بأسمائها المعروفة، فشرح حاله وحال ديار المحبوبة ب 50 بيتاً رَويها “الدال المكسورة”، وهي من البحر البسيط.

جاءت قصة المُعلَّقة من خلال مغادرة المحبوبة هي وقومها المكان الموجودة فيه، فصوَّر حال المكان وكيف أصبح بعد مغادرتهم كأنَّه بلا روح، وبيَّن كيف صارت الوحوش تجوب في المكان، ثم انتقل بعدها إلى مدح “النعمان بن المنذر”؛ إذ كان شديد القرب له ويعطيه كثيراً من الأموال في ذلك الوقت، فوصف الناقة التي حملته بعيداً عن الديار بعد أن خاطب نفسه ألا جدوى من وجوده فيها، فغادر وهو حزين إلى “النعمان”.

وهذه الأبيات هي:

فتلك تُبلِغني النعمان إنَّ له

فضلاً على الناس في الأدنى وفي البعدِ

ولا أرى فاعلاً في الناس يشبهه

ولا أُحاشي من الأقوام من أحدِ

إلا سليمان إذ قال الإلهُ له

قم في البرية فاحدُدها عن الفندِ

وخيِّسِ الجنَّ إنِّي قد أذنتُ لهم

يبنون تَدمُر بالصُّفَّاح والعمدِ

أبيات مُعلَّقة النابغة الذبياني يا دار مية:

يا دار ميَّة بالعلياءِ فالسند

أقوتْ وطالَ عليها سالفُ الأَبدِ

وقفتُ فيها أُصيلاناً أُسائلها

عيتْ جَواباً وما بالربعِ من أحدِ

إلَّا الأواريَّ لأياً ما أبيِّنها

والنؤيُ كالحوضِ بالمظلومةِ الجَلدِ

ردَّتْ عليهِ أقاصيهِ ولبدهُ

ضربُ الوليدةِ بالمسحاة في الثأدِ

خلَّتْ سبيلَ أتيٍّ كانَ يحبسهُ

ورفعَتهُ إلى السجفينِ فالنضدِ

أمستْ خلاءً وأمسى أهلُها احتملُوا

أخنَى عليها الذي أخنَى على لُبَدِ

فعَدِّ عَمَّا ترَى إذْ لا ارتجاعَ لهُ

وانمِ القُتودَ على عيْرانةٍ أُجُدِ

مقْذوفةٍ بدخيس النحضِ بازِلها

له صَريفٌ صَريفَ القَعْوِ بالمَسَدِ

كأنَّ رَحلي وقد زالَ النَّهارُ بنا

يومَ الجَليلِ على مُستأنِسٍ وحَدِ

مِن وَحشِ وَجرةَ مَوشيٍّ أكارِعهُ

طَاوِي المَصيرِ كسيفِ الصَّيقَل الفَرَدِ

سَرَتْ عليه مِن الجَوزاءِ سَاريةٌ

تُزجي الشَّمالُ عليهِ جامِدَ البَرَدِ

فَارتاعَ مِن صَوتِ كلابٍ فباتَ لهُ

طوْعَ الشَّوامتِ مِن خَوْفٍ ومِن صَرَدِ

وكانَ ضُمرانُ مِنهُ حيثُ يُوزِعهُ

طَعنَ المُعاركِ عند المَحجَرِ النَّجُدِ

شكَّ الفَريصةَ بالمِدْرى فأنفَذَها

طَعنَ المُبَيطِرِ إذ يَشفي مِن العَضَدِ

كأنَّهُ خارجاً من جَنبِ صَفْحَتهِ

شاهد بالفديو: حقائق ومعلومات قد لا تعرفونها عن اللغة العربية

 

سَفُّودُ شَرْبٍ نسُوهُ عِندَ مُفْتَأدِ

فظَلَّ يَعجَمُ أعلَى الرَّوْقِ مُنقبضاً

في حَالكِ اللَّوْنِ صدقٍ غَيرِ ذي أوَدِ

لمَّا رأى واشقٌ إقعاصَ صاحبِهِ

ولا سَبيلَ إلى عَقلٍ ولا قَوَدِ

قالتْ له النفسُ إنِّي لا أرَى طَمعاً

وإنَّ مَوْلاكَ لم يَسْلمْ ولم يَصِدِ

فَتلكَ تُبلِغُني النُّعمانَ أنَّ لهُ

فضلاً على النَّاسِ في الأدنَى وفي البَعَدِ

ولا أرَى فاعِلاً في النَّاسِ يُشبِهُهُ

ولا أُحاشِي مِن الأقْوَامِ من أحَدِ

إلَّا سُليمانَ إذ قالَ الإلهُ لهُ

قُمْ في البريَّةِ فاحْدُدْها عنِ الفَنَدِ

وخيِّسِ الجِنَّ إنِّي قد أَذِنْتُ لهمْ

يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفَّاحِ والعَمَدِ

فمَنْ أطاعَكَ فانفَعْهُ بطاعتهِ

كما أطاعَكَ وادْلُلْهُ على الرَّشَّدِ

ومنْ عَصاكَ فعاقِبْهُ مُعاقَبَةً

تَنْهَى الظَّلومَ ولا تَقعُدْ على ضَمَدِ

إلَّا لِمثْلِك أوْ مَنْ أنتَ سَابِقُهُ

سبقَ الجوادِ إذا اسْتَولَى على الأمَدِ

أعطَى لفارِهَةٍ حُلوٍ توابِعُها

منَ المَواهِبِ لا تُعْطَى على نَكَدِ

إقرأ أيضاً: أدوات الجزم

أبيات إضافية من مُعلَّقة النابغة الذبياني يا دار مية:

الواهِبُ المائَةَ المعْكاءَ زيَّنَها

سَعْدانُ توضِحُ في أوْبارِها اللِّبَدِ

والراكضَاتِ ذُيولَ الرَّيْطِ فَنَّقَها

بَرْدُ الهَواجرِ كالغزلانِ بالجَردِ

والخَيلَ تَمزَغُ غرباً في أعِنَّتِها

كالطَّيرِ تَنجو من الشُّؤْبوبِ ذي البَرَدِ

والأُدمُ قدْ خُيِّسَتْ فُتلاً مَرافِقُها

مَشدودَةً برِحَالِ الحِيِرة الجُدَدِ

واحْكمْ كَحُكمِ فَتاةِ الحيِّ إذْ نَظَرتْ

إلى حَمامِ شِراعٍ وَارِدِ الثَّمَدِ

يَحفُّهُ جانباً نيقٍ وتُتْبِعُهُ

مِثلَ الزُّجاجَةِ لم تَكْحلْ من الرَّمَدِ

قالتْ ألا لَيْتَما هذا الحَمامُ لنا

إلى حَمامَتِنا ونِصفُهُ فَقَدِ

فَحسَّبُوهُ فألْفَوْهُ كما حَسَبَتْ

تِسعاً وتِسعينَ لم تَنقُصْ ولم تَزِدِ

فَكمَّلتْ مائةً فيها حَمامتُها

وأسْرَعَتْ حِسْبةً في ذلكَ العَدَدِ

فلا لَعَمْرُ الذي مَسَّحتُ كَعبتَهُ

وما هُريقَ على الأنْصابِ من جَسَدِ

والمؤمنِ العائِذاتِ الطَّيرَ تمسَحُها

رُكْبانَ مكَّة بينَ الغَيْلِ والسَّعَدِ

ما إنْ أتيتُ بشَيءٍ أنتَ تَكْرهُهُ

إذاً فلا رَفَعَتْ سَوْطي إليَّ يَدِي

إلَّا مقالة أقوامٍ شَقيتُ بها

كانَتْ مقالَتُهُمْ قَرْعاً على الكَبدِ

إذاً فَعاقبني ربِّي مُعاقبةً

قَرَّتْ بها عَينُ منْ يأتيكَ بالفنَدِ

هذا لأبرأَ مِنْ قَوْلٍ قُذِفْتُ بِهِ

طَارَتْ نَوافِذُهُ حَراً على كَبِدي

أُنْبِئْتُ أنَّ أبا قابوسَ أوْعَدَني

ولا قَرارَ على زَأْرٍ منَ الأسَدِ

مَهْلاً فِداءٌ لك الأقوامِ كُلِّهُمُ

وما أُثَمِّرُ من مالٍ ومنْ وَلَدِ

لا تَقْذِفْني بِرُكْنٍ لا كَفاءَ لهُ

وإنْ تَأثَّفَكَ الأعداءُ بالرَّفَدِ

فما الفُراتُ إذا هَبَّ الرِّياحُ لهُ

تَرمي أواذيُّهُ العبْرَينِ بالزَّبَدِ

يَمُدُّهُ كلُّ وادٍ مُتْرَعٍ لَجِبٍ

فيهِ رِكامٌ من اليَنْبوتِ والخَضَدِ

يظَلُّ مِن خَوفِهِ المَلاَّحُ مُعتَصِماً

بالخَيْزرانَةِ بَعدَ الأينِ والنَّجَدِ

يوماً بِأجْوَدَ منهُ سَيْبَ نافِلَةٍ

ولا يَحُولُ عَطاءُ اليومِ دونَ غَدِ

هذا الثَّناءُ فإنْ تَسمَعْ به حَسَناً

فلم أُعرِّض أبَيتَ اللَّعنَ بالصَّفَدِ

ها إنَّ ذي عِذرَة إلاَّ تكُنْ نَفَعَتْ

فإنَّ صاحبها مشاركُ النَّكَدِ

شرح مُعلَّقة النابغة الذبياني:

تُعَدُّ مُعلَّقة “النابغة الذبياني” من المُعلَّقات المشهورة في العصر الجاهلي خاصةً والأدب العالمي عموماً، وفيما يأتي شرح بعض الأبيات من مُعلَّقة “النابغة الذبياني”:

1. شرح النصف الأول من مُعلَّقة النابغة الذبياني:

بيَّن الشاعر أنَّه لم يبقَ في ديار المحبوبة أي أحد من أهلها، فنادى معشوقته التي تُكنَّى بـ “مَيَّة” بالعلياء والتي تعني المكان المرتفع، ثم ذكر مباشرة “السند” وهو اسم وادٍ، فبيَّن كيف مر الدهر على هذه الديار وهي فارغة من أهلها وتمر الرياح خلالها.

ثم انتقل بعدها ليبيِّن كيف كان يقف بديار محبوبته وقت العشاء يسألها عن حالهم وأخبارهم، لكن بسبب عجزها عن الإجابة لم تعطه أي جواب، كما ذكر أنَّه لم يعد أحد في الديار سوى الصور وذكريات أهلها.

ذكر بعدها في البيت الثالث أنَّه لم يجد في ديارها إلا الأماكن الخاصة بربط الخيول، وهي “الأواري”، وأنَّه لم يعد يميز أي مكان بسبب الوقت الطويل الذي مر عليها وهي مهجورة، أما حاجز الخيمة فصار كالحوض تماماً بعد أن كانت الخيمة توضع في أرض محفورة وتسمى بـ “منظومة الجَلَد”.

ثم انتقل إلى وصفه التراب الندي، وهو التراب الذي يوضع حول الخيمة لمنع تسرب الماء إليها، فهو تراب رطب يتم استخدامه بسبب ثباته في مكانه وعدم تطايره.

بقي الشاعر في قصة التراب؛ إذ بيَّن أنَّ القوم الذين كانوا يضبطون التراب حول الخيمة تركوا مكاناً للماء في نهر صغير بعد أن كان الحاجز الترابي يمنعه من المرور ويحبسه.

2. شرح أبيات النصف الثاني من مُعلَّقة النابغة الذبياني:

انتقل بعدها “النابغة” في هذه الأبيات ليذكر معاناته من خلالها، فقد بيَّن أنَّه هلك كما هلك “لبد” عند مغادرة قوم محبوبته البلاد، ثم خاطب نفسه بالابتعاد والانصراف عن الديار لأنَّه يستحيل العودة إليها بعد خرابها، فلا يمكن أن ترجع الأحوال كما كانت سابقاً، وبواسطة الناقة قم بتحميل أمتعة سفرك وابتعد عن هذه الديار التي لا يوجد أي بصيص أمل للرجوع إليها.

تابع وصف الناقة بأنَّها ناقة عظيمة، واللحوم متراكمة على جسدها، فشبهها بالوحش السريع في الركض، فهو يريد الابتعاد قدر الإمكان وبسرعة عن هذه الديار.

كما شبه الوحش بأنَّ لونه يشبه إلى حد ما لون السيف اللامع، إضافة إلى ضمور بطنه، ثم بيَّن كيف أنَّ هذا الوحش جاءته سحابة رياح من برج الجوزاء بسبب الرياح الشمالية، وهذه الرياح معروفة بالنسبة إلى العرب بأنَّها خاصة بأهل الجزيرة ومحمَّلة ببرد قارص.

3. الصور الفنية الموجودة في القصيدة:

تميَّز الشعر الجاهلي عموماً وشعر “النابغة” خاصةً بأنَّه يحتوي على أجمل الصور الفنية التي تجعل القصيدة تحمل معاني مميزة، فالشعر الجاهلي قادر على صياغة المعاني بطريقة فنية رائعة، ومن الصيغ الموجودة في مُعلَّقة “النابغة الذبياني”:

4. الاستعارات المكنية:

في قوله “طاوي المصير كسيف الصيقل الفرد”: شبه الشاعر لون الوحش بسيف يلمع في الشمس، فحذف وجه الشبه وأبقى المشبه والمشبه به وأداة التشبيه على سبيل الاستعارة المكنية.

في قوله “وقفت فيها أصيلاناً أسائلها”: شبَّه ديار معشوقته بالإنسان الذي يسأل ويجيب معاً، فحذف المشبه به وأبقى شيئاً من صفاته على سبيل الاستعارة المكنية.

5. من معاني مفردات القصيدة:

  • عيت جواباً: لم تستطع الإجابة عن الأسئلة المطروحة عليها.
  • الثأد: المكان الموجود فيه التراب الرطب.
  • القتود: خشب من أيام الجاهلية كان الناس يرحلون عليه.

إقرأ أيضاً: الفعل المضارع في اللغة العربية

في الختام:

لقد ذكرنا في هذا المقال شرح مُعلَّقة “النابغة الذبياني” التي لاقت في العصر الجاهلي إقبالاً كبيراً؛ إذ تحتوي مُعلَّقة “النابغة الذبياني” على 50 بيتاً شعرياً، منها رثاء على أطلال المحبوبة، ومنها مدح الحاكم “النعمان”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى