Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التدريس والتعلم

قصيدة اعتذار للنابغة الذبياني


لقد كان كثير المدح لـ “النعمان بن المنذر” ملك “الحيرة”، وذلك لما تم توجيهه إليه من تهم من قِبل “آل عوف بن قريع”، ولهذا إذا كنتَ من محبي الشعر القديم والأصيل، فسوف نعرِّفك في هذا المقال إلى قصيدة اعتذار لـ “النابغة الذبياني” وكذلك شرحها بالتفصيل.

التعريف بقصيدة الاعتذار للنابغة الذبياني:

قبل التعريف بقصيدة الاعتذار لـ النابغة الذبياني”، دعونا نتعرف إلى “النابغة الذبياني”، فهو “زياد بن معاوية بن غيظ بن مرة بن ذبيان بن قيس بن مضر”، ويُكنَّى بـ “أبي أمامة”، وقد وُلد في عام 535 م، وهو أبلغ الشعراء الجاهليين، وقد وافته المنية عام 604 م.

كان شعر “النابغة الذبياني” في الاعتذار من أجمل ما نظم؛ إذ ضمت أبياته تعبيراً دقيقاً عن خوفه من الملك “النعمان”، فاشتُهر أنَّه كان كثير الخوف منه لدرجة أنَّه عبَّر عن لياليه تلك باسم “الليالي النابغية”.

يُذكَر أنَّ جميع التهم التي نُسبت لـ “النابغة الذبياني” كانت بدافع الغيرة بسبب علاقته الودية بـ “النعمان” الذي أغدقه بالجاه والمال والمكانة العالية، وإحدى أشهر القصائد التي عبَّر فيها “الذبياني” عن أسفه ورغبته بالتبرئة من التهم الباطلة هي قصيدة “قلائد العقيان”.

ذُكر أيضاً أنَّ شاعرنا “النابغة الذبياني” هرب من “النعمان” خائفاً ليقصد مضارب “بني غسان” في بلاد الشام؛ فبقي في عهدة “عمرو بن حارث” الأصغر ابن “الحارث الأعرج” بن “الحارث الأكبر”، وقد ظل على هذه الحال حتى توفي.

ما هو سبب كتابة قصيدة الاعتذار للنابغة الذبياني؟

يعود سبب كتابة قصيدة الاعتذار لـ “النابغة الذبياني” كتابته في البداية لقصيدة “المتجردة” التي غيَّرت المكانة العالية والحظوة الكبيرة التي حصل عليها “النابغة الذبياني” من قِبل “النعمان بن المنذر”؛ إذ إنَّ شاعرنا قد حظي بمنزلة طيبة، وآثره “النعمان” بكثير من المال والإبل.

غير أنَّ “النابغة الذبياني” قد رأى في إحدى المرات زوجة “النعمان”، وقد غافلها أمر أدى إلى سقوط نصيفها؛ والنصيف هو الغمامة أو ما يغطي الرأس عند المرأة، ويدل على عفتها، وقد حاولت عندئذ أن تستتر بيدها، إلا أنَّ “النابغة” ذكر تفاصيل في قصيدته تصف جسمها.

ما كان لـ “النعمان” إلا أن يستشيط غضباً ويهدد “النابغة”، فهرب لملوك الغساسنة وبقي عندهم مدة طويلة من الزمن ينشدهم شعره، ويشارك في جلساتهم، ويبدع في مدحهم وتفخيمهم، وعندما توفرت أسباب عودته لبلاط “النعمان” غادرهم ورحل عنهم.

لقد أزعج “النعمان” امتداح “النابغة” لأعدائه الغساسنة، فأرسل يستقدمه إليه من جديد بقوله: “إنَّك صرتَ إلى قوم قتلوا جدي فأقمتَ بهم تمدحهم”، وسأله أن يعود إليه، وهكذا نُظمت اعتذاريات “النابغة الذبياني”، وأَمِن “النعمان” له، وعادت إليه مكانته العالية، واستأنف مديحه له.

أبيات قصيدة الاعتذار للنابغة الذبياني:

جاءت أبيات قصيدة الاعتذار لـ “النابغة الذبياني” للخليفة “النعمان”، فأرسلها “الذبياني” إليه يطلب وصله ورضاه عنه، ونظم فيها الكلمات الشعرية الآتية:

أتاني -أبيتَ اللعنَ- أنَّكَ لمتني

وتلك التي تستكُّ منها المسامع

مقالة أن قد قلتُ سوف أنالهُ

وذلك من تلقاء مِثلكَ رائعُ

لعمري وما عمري عليَّ بهيِّنٍ

لقد نطقَت بُطلاً عليَّ الأقارعُ

أتاكَ امرؤٌ مستبطنٌ لي بغضةً

له من عدوٍّ مثل ذلك شافعُ

حلفتُ فلم أترك لنفسك ريبةً

وهل يأثمن ذو أمةٍ وهو طائعُ

ولا أنا مأمونٌ بشيءٍ أقولهُ

وأنتَ بأمرٍ لا محالة واقعُ

فإنَّك كالليل الذي هو مدركي

وإن خلتُ أنَّ المنتأى عنك واسعُ

أتوعِدُ عبداً لم يخنكَ أمانةً

وتترك عبداً ظالماً وهو ضالِعُ

أنتَ ربيعٌ ينعش الناس

سيفٌ أعيرتهُ المنيَّةُ قاطعٌ

أبى الله إلَّا عدله ووفاءه

فلا النُّكر معروفٌ ولا العُرفُ ضائِعُ.

شرح قصيدة الاعتذار للنابغة الذبياني:

كتب “النابغة الذبياني” قصيدة الاعتذار من أجل طلب رضى وودِّ الخليفة “النعمان” لكي يسامحه ويرضى عنه مما قد وُشي له به من قِبل الأعداء، وإليكم شرح قصيدة الاعتذار لـ “النابغة الذبياني”:

1. شرح البيت الأول:

يبدأ شرح البيت الأول بالتعبير عن غضبه هنا بهذا البيت، وكذلك مدى حزنه الكبير من لوم الخليفة “النعمان” له، وقد استخدم كثيراً من الأفعال الدالة على كثرة تداول لوم الخليفة له بين الخلائق، إضافة إلى أنَّ “النابغة” ما زال حزيناً من فعل “النعمان بن المنذر” الذي مضى فيما سبق.

2. شرح البيت الثاني:

في شرح البيت الثاني استخدم شعر “النابغة الذبياني” في الاعتذار أسلوباً لطيفاً يحاول التودد من خلاله إلى الخليفة “النعمان بن المنذر”، وذلك من خلال عدم ذكر لوم الخليفة له والتحدث فقط عن مشاعره تجاهه، وهذا الأمر أثَّر في نفس “الذبياني”؛ وذلك لأنَّه من الخليفة “النعمان”، غير أن يقول إنَّ هذا الأمر لو جاء من أحد غيره، لم يكن ليهتم.

3. شرح البيت الثالث:

نرى استخدام الشاعر أسلوب التوكيد، وخاصةً في هذا البيت استخداماً كثيراً جداً من أجل أن يوضح ويؤكد على أنَّ جميع الاتهامات التي تم نسبها إليه باطلة، وأنَّه بذلك يعلم أنَّ بني قريع هم الذين وشوا به ليوقعوا بينهم.

4. شرح البيت الرابع والخامس:

نرى استخدام الشاعر في البيت الرابع الجمل الاسمية فقط؛ وذلك لتوضيح صفات الواشين الذين يضمرون له الحقد والكره والضغينة، حتى يجعل نفسه بريئاً من اتهاماتهم غير الصحيحة.

استخدم الشاعر في البيت الخامس أسلوباً لغوياً قوياً كونه لم يذكر صفاته الحميدة منذ البداية؛ بل قد بدأ بدفع التهم وبإحصاء الصفات الحميدة له، وكذلك هو لن يقول فيهم مثلما قالوا به؛ وذلك لأنَّ أخلاقه الحميدة لا تسمح له بذلك.

5. شرح البيت السادس والسابع:

أقسم الشاعر في البيت السادس ليبعد جميع الشكوك عنه، فعند شرح البيت السادس والسابع نجد أنَّه استخدم أسلوب التوكيد ليؤكد هذا القسم ويخبرنا بأنَّه إنسان صادق وورع وملتزم، ويستخدم بذلك أسلوب التعليل والحجج فيزيدنا إقناعاً.

أما في البيت السابع نجد أنَّه استخدم به أسلوب الخطاب، وذلك في حال لم تُجدِ الأساليب السابقة من توكيد وقسم، وهذا يوحي للخليفة “النعمان بن المنذر” مدى ثقته بنفسه وبصفاته الحميدة، غير أنَّه مستعد دائماً لأن يثبت ذلك للخليفة في حال تطلَّب منه الأمر ذلك.

6. شرح البيت الثامن والتاسع:

استخدم الشاعر في شرح البيت الثامن والتاسع أسلوب الشرط في البداية، وجاء هذا البيت فيما بعده ليؤكد على ما سبق ذكره، حتى يذكر بذلك الخليفة “النعمان” بصفاته وأخلاقه وأمانة حديثه وصدق كلامه، ولهذا استخدم “إن الشرطية” التي تدل على الحديث غير المثبَت والمشكوك به.

يوضح ذلك بطريقة غير مباشرة حتى يتمكن من التراجع عن قراره، أما في شرح البيت التاسع، فقد استخدم الشاعر أسلوب التشبيه البليغ؛ إذ شبه الخليفة بالليل القادم لا محالة ومهما حاول الهروب منه لن يتمكن من الابتعاد كثيراً.

كما يَعُدُّ الشاعر الخليفة “النعمان” مصدر استقراره وهدوئه وطمأنينته، فقد لجأ إلى هذه الكلمات ليبيِّن مدى قوة ارتباطه به وحبه الكبير له.

7. شرح الأبيات الأخيرة:

نجد أنَّ الشاعر لجأ في البيت العاشر إلى استخدام أسلوب الاستفهام بالصيغة الاستنكارية؛ إذ يستنكر من سبب عقاب وتهديد الخليفة “النعمان” له، خاصةً وأنَّه شخص لا يخون الأمانة، غير أنَّ الخونة والحاقدين جالسون دون عقاب، وأراد بهذا الأسلوب أن يذكر عدل الخليفة وإنصافه للرعية كلها بصورة غير مباشرة.

أما عند شرح الأبيات الأخيرة فنرى استخدام الشاعر أسلوب المدح؛ إذ يصفه بالكرم والشجاعة، وقد استخدم في هذا التشبيهات الإبداعية التي تعبِّر عن وصول الخليفة بذلك الكرم والشجاعة إلى تلك المكانة العالية التي هو عليها.

أكثر “النابغة الذبياني” في الختام من أسلوب المدح، ويوقِّر الخليفة ويذكر فضائله، مع تذكيره بطريقة غير مباشرة بأعمال “الذبياني” الجيدة التي قدَّمها له، وأكد أيضاً على صفات العدل والوفاء الموجودة عند الخليفة “النعمان بن المنذر”.

في الختام:

في النهاية بعد أن تعرَّفنا إلى قصيدة اعتذار للنابغة الذبياني نجد أنَّ الشاعر أصر على استخدام الأسلوب القصصي المشوق، ويعد هذا الأسلوب أحد أساليب الاستطراد الشهيرة في ذلك الزمان، فهل تعجبك قراءة اعتذاريات النابغة الذبياني؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى