Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التدريس والتعلم

من هو عبيد بن الأبرص؟ نسبه وحياته وشعره


أما الخصائص اللفظية لشعر المُعلَّقات، فهي جزالة وقوة التراكيب بشكل أساسي وسلامتها أيضاً، لذلك عَلِقَت المُعلَّقات في ذهن كل مَن سمعها وسمع عنها وعن أصحابها، ومن شعراء المُعلَّقات المميزين “عبيد بن الأبرص”، فقد عُرفت مُعلَّقة “عبيد بن الأبرص” بالحكمة، كما عُرف هو بذلك، وهذا ما يجعلنا نتحدث اليوم عن شعر “عبيد بن الأبرص” وخصائص شعر “عبيد بن الأبرص”، وأيضاً حياته ووفاته، فتابع القراءة.

نبذة عن عبيد بن الأبرص:

شاعر من شعراء العصر الجاهلي وأحد شعراء المُعلَّقات، فهو “عبيد بن الأبرص بن حنتم بن عامر بن مالك بن زهير بن الحارث بن سعد بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة”، لذلك لقبه “أبو دودان” ويُكنى بـ “أبي زياد”.

“عبيد بن الأبرص” من قبيلة “أسد الخندقية”، ويتصل نسبه بـ “مضر” أيضاً، أما اسم أمه فهو “أمامة” بحسب الروايات القليلة عن شعر “عبيد بن الأبرص” وحياته؛ إذ وُلد “عبيد بن الأبرص” في عام 510م بحسب بعض الروايات، فلا يوجد ما يؤكد على ذلك.

حياة عبيد بن الأبرص:

نشأ “عبيد بن الأبرص” في “نجد” في شبه الجزيرة العربية؛ وذلك لأنَّ قبائل “أسد” كما هو معروف قد نزلت في تلك المنطقة، ولأنَّ المنطقة التي نشأ فيها “عبيد بن الأبرص” تُعَدُّ من أجمل المناطق، فتأثُّره فيها كان أمراً طبيعياً، وقد ظهر ذلك في شعر “عبيد بن الأبرص”.

أما حياته فكانت حافلة بالأحداث لكونه شارك في الحروب التي شاركت بها قبيلته من صراعات مع القبائل المجاورة، والحروب مع الغساسنة، والمعاناة التي عاناها قومه مع الملك “حجر بن الحارث الكندي”، وهذا ما جعل “عبيد” الناطق الرسمي لقومه، وإنَّ شعر “عبيد بن الأبرص” توثيق للوقائع التي حدثت في عصره والمشيِّد لانتصاراتهم والمتحدِّث عن مآثرهم.

يُروى أنَّ “عبيد بن الأبرص” كان فقيراً ويحتاج إلى المال، إلا أنَّه قام بعظيم الأعمال لشجاعته، فأصبح سيداً من سادات القوم، وساعده على ذلك تميزه بالحكمة، ورجاحة العقل، والنظرة البعيدة، والرأي الفصيح، والخبرة التي جعلته يتمكن من تدبُّر الأمور ومعالجاتها بالطرائق المناسبة.

لأنَّ “عبيد بن الأبرص” تحلَّى بمكارم الأخلاق؛ فقد تحدَّث شعره عن الثواب والعقاب والوجود والمصير، وحضَّ على فعل الخير دائماً، وقد عاصر “عبيد بن الأبرص” “امرئ القيس” وكانت له مناظرات كثيرة معه.

شعر عبيد بن الأبرص:

كان لشعر “عبيد بن الأبرص” سبب بحسب ما يقوله المؤرخون، فقد خرج “عبيد بن الأبرص” ذات اليوم ليرعى الأغنام برفقة أخته “ماوية”، فقام أحد الرجال بمنعه من سقيها من الماء وضربه وضرب أخته أيضاً، ولغضب “عبيد” دعا عليه وطلب من الله أن ينتقم له، فقال:

“اللَّهُمَّ إن كان فلان قد ظلمني ورماني بالبهتان فأدلَّني منه”، وانطلق لسانه إثر تلك الحادثة، فقد نام بعد الحادثة، وعندما استيقظ هجا الرجل الذي ضربه، فكان أول شعر “عبيد بن الأبرص” تلك القصيدة، وقد تعددت الأغراض في شعر “عبيد بن الأبرص”؛ إذ يوجد الفخر، فقال:

نفراء من سلمى لنا وتكتبوا نُبِّئت أنَّ بني جديلة أوعبوا

وأيضاً قال في الفخر:

إنَّك عن مسعاتِنا جاهلُ يا أيُّها السائل عن مَجدِنا
فاسأل تنبَّأ أيُّها السائلُ إن كنتَ لم تأتِكَ أيامُنا

شعر عبيد بن الأبرص في الحكمة:

يا حارِ ما راحَ مِن قَومٍ وَلا اِبتَكَروا

إِلَّا وَلِلمَوتِ في آثارِهِم حادي

يا حارِ ما طَلَعَت شَمسٌ وَلا غَرَبَت

إِلَّا تَقَرَّبَ آجالٌ لِميعادِ

شعر عبيد بن الأبرص في الغزل:

لِمَن دِمنَةٌ أَقوَت بِحَرَّةِ ضَرغَدِ

تَلوحُ كَعُنوانِ الكِتابِ المُجَدَّدِ

لِسَعدَةَ إِذ كانَت تُثيبُ بِوُدِّها

وَإِذ هِيَ لا تَلقاكَ إِلَّا بِأَسعُدِ

شعر عبيد بن الأبرص في المدح:

وَإِلَى شَرَاحِيلَ الْهُمَامِ بِنَصْرِهِ

نَصْرَ الْأَشَاء سَرِيهُ مُسْتَرْفَدُ

وَمِنْ سِيبهْ سَح اَلْفُرَاتَ وَحَملَهُ

يَزِنُ اَلْجِبَالَ وَنَيْلهِ لَا يَنْفَد

خصائص شعر عبيد بن الأبرص:

  1. تنوعت الأغراض في شعر “عبيد بن الأبرص” كما ذكرنا آنفاً، فلم يتفرد بنوع معين؛ إنَّما وصف الفرس والناقة، وذكر العبث واللهو، ووقف على الأطلال، وذكر المحبوب، وتحدَّث عن الحروب، وتفاخر بالانتصارات.
  2. من أهم خصائص شعر “عبيد بن الأبرص” أنَّه يدفع إلى الأفعال الحميدة وإلى التحلي بمكارم الأخلاق، كما تميز بعطفه على جميع المخلوقات ورقة مشاعره.
  3. التزم شعر “عبيد بن الأبرص” بوحدة القافية والوزن أيضاً.
  4. تختلف موسيقى قصائد “عبيد” باختلاف الأهداف والغايات من القصائد؛ إذ تتغير النبرة بتغيُّر الموضوع؛ فتارة تكون النبرة لطيفة وتارة عنيفة، فنلاحظ أنَّ شعر “عبيد بن الأبرص” في الغزل تميَّز بعفته وصدقه بعيداً عن الجرأة والتصنع، وأما التراكيب والعبارات التي استخدمها “عبيد بن الأبرص” فتغلب عليها الوحشية والخشونة عندما وصف الناقة أو الحرب أو الديار.

مُعلَّقة عبيد بن الأبرص:

مُعلَّقة “عبيد بن الأبرص” كانت وما زالت لها أهمية لكونها إرثاً أدبياً هاماً، وجاء فيها ما يأتي:

أَقفَرَ مِن أَهلِهِ مَلحوبُ

فَالقُطَبِيَّاتُ فَالذَنوبُ

فَراكِسٌ فَثُعَيلِباتٌ

فَذاتُ فِرقَينِ فَالقَليبُ

فَعَردَةٌ فَقَفا حِبِرٍّ

لَيسَ بِها مِنهُمُ عَريبُ

إِن بدَّلَت أَهلُها وُحوشاً

وَغَيَّرَت حالَها الخُطوبُ

أَرضٌ تَوارَثُها شُعوبٌ

وَكُلُّ مَن حَلَّها مَحروبُ

إِمَّا قَتيلاً وَإِمَّا هالِكاً

وَالشَيبُ شَينٌ لِمَن يَشيبُ

عَيناك دَمعُهُما سَروبُ

كَأَنَّ شَأنَيهِما شَعيبُ

واهِيَةٌ أَو مَعينٌ مُمعِنٌ

أَو هَضبَةٌ دونَها لُهوبُ

أَو فَلَجٌ ما بِبَطنِ وادٍ

لِلماءِ مِن بَينِهِ سُكوبُ

أَو جَدوَلٌ في ظِلالِ نَخلٍ

لِلماءِ مِن تَحتِهِ قَسيبُ

تَصبو فَأَنَّى لَكَ التَصابي

أَنَّى وَقَد راعَكَ المَشيبُ

إِن تَكُ حالَت وَحُوِّلَ

أَهلُها فَلا بَديءٌ وَلا عَجيبُ

أَو يَكُ أَقفَرَ مِنها جَوُّها

وَعادَها المَحلُ وَالجُدوبُ

فَكُلُّ ذي نِعمَةٍ مَخلوسٌ

وَكُلُّ ذي أَمَلٍ مَكذوبُ

وَكُلُّ ذي إِبِلٍ مَوروثٌ

وَكُلُّ ذي سَلَبٍ مَسلوبُ

وَكُلُّ ذي غَيبَةٍ يَؤوبُ

وَغائِبُ المَوتِ لا يَؤوبُ

أَعاقِرٌ مِثلُ ذاتِ رِحمٍ

أَم غَنِمٌ مِثلُ مَن يَخيبُ

أَفلِح بِما شِئتَ فَقَد يُبلَغُ

بِال ضَعفِ وَقَد يُخدَعُ الأَريبُ

لا يَعِظُ الناسُ مَن لَم يَعِظِ

الدَهرُ وَلا يَنفَعُ التَلبيبُ

إِلَّا سَجِيَّاتِ ما القُلوبِ

وَكَم يَصيرن شانِئاً حَبيبُ

ساعِد بِأَرضٍ إِذا كُنتَ بِها

وَلا تَقُل إِنَّني غَريبُ

قَد يوصَلُ النازِحُ النائي وَقَد

يُقطَعُ ذو السُّهمَةِ القَريبُ

مَن يَسَلِ الناسَ يَحرِموهُ

وَسائِلُ اللَهِ لا يَخيبُ

وَالمَرءُ ما عاشَ في تَكذيبٍ

طولُ الحَياةِ لَهُ تَعذيبُ

بَل رُبَّ ماءٍ وَرَدت آجِنٍ

سَبيلُهُ خائِفٌ جَديبُ

ريشُ الحَمامِ عَلى أَرجائِهِ

لِلقَلبِ مِن خَوفِهِ وَجيبُ

قَطَعتُهُ غُدوَةً مُشيحاً

وَصاحِبي بادِنٌ خَبوبُ

عَيرانَةٌ مُؤجَدٌ فَقارُها

كَأَنَّ حارِكَها كَثيبُ

أَخلَفَ ما بازِلاً سَديسُها

لا حِقَّةٌ هِي وَلا نَيوبُ

كَأَنَّها مِن حَميرِ غابٍ

جَونٌ بِصَفحَتِهِ نُدوبُ

أَو شَبَبٌ يَحفِرُ الرُخامى

تَلُفُّهُ شَمأَلٌ هُبوبُ

فَذاكَ عَصرٌ وَقَد أَراني

تَحمِلُني نَهدَةٌ سُرحوبُ

مُضَبَّرٌ خَلقُها تَضبيراً

يَنشَقُّ عَن وَجهِها السَبيبُ

زَيتِيَّةٌ ناعِمٌ عُروقُها

وَلَيِّنٌ أَسرُها رَطيبُ

كَأَنَّها لِقوَةٌ طَلوبُ تُخزَنُ

في وَكرِها القُلوبُ

باتَت عَلى إِرَمٍ عَذوباً

كَأَنَّها شَيخَةٌ رَقوبُ

فَأَصبَحَت في غَداةِ قِرَّةٍ

يَسقُطُ عَن ريشِها الضَريبُ

فَأَبصَرَت ثَعلَباً مِن ساعَةٍ

وَدونَهُ سَبسَبٌ جَديبُ

فَنَفَضَت ريشَها وَاِنتَفَضَت

وَهيَ مِن نَهضَةٍ قَريبُ

يَدِبُّ مِن حِسِّها دَبيباً

وَالعَينُ حِملاقُها مَقلوبُ

فَنَهَضَت نَحوَهُ حَثيثَةً

وَحَرَدَت حَردَةً تَسيبُ

فَاشتالَ وَارتاعَ مِن حَسيسِها

وَفِعلَهُ يَفعَلُ المَذؤوبُ

فَأَدرَكَتهُ فَطَرَّحَتهُ

وَالصَيدُ مِن تَحتِها مَكروبُ

فَجَدَّلَتهُ فَطَرَّحَتهُ

فَكَدَّحَت وَجهَهُ الجَبوبُ

يَضغو وَمِخلَبُها في دَفِّهِ

لا بُدَّ حَيزومُهُ مَنقوبُ

وفاة عبيد بن الأبرص:

كانت وفاة “عبيد بن الأبرص” بعد حياة طويلة تقريباً في 25 قبل الهجرة؛ إذ يُروى أنَّ “عبيد بن الأبرص” من المعمِّرين في عصره، فقد عاش ما يقارب 300 سنة بحسب الروايات.

لم تكن وفاة “عبيد بن الأبرص” طبيعية؛ إنَّما تم قتله؛ إذ يُروى أنَّ ملك “الحيرة” كان له يوم نعيم يتم فيه تكريم كل مَن يفد إليه في هذا اليوم، وكذلك له يوم بؤس يقتل فيه كل مَن يفد إليه، وعلى الرغم من معرفة الملك بالقيمة التي يمتلكها شعر “عبيد بن الأبرص” ومكانته في قومه، إلا أنَّه قتله، ثم ندم على فعلته تلك.

في الختام:

“عبيد بن الأبرص” شاعر من شعراء الجاهلية ممن تركوا بصمة خاصة بهم في الأدب، فقد وثَّق شعر “عبيد بن الأبرص” ما دخلت به قبيلته من حروب ووقائع، وقد شارك “عبيد من الأبرص” بتلك الأحداث وتميَّز بالحكمة ورجاحة العقل.

من خصائص شعر “عبيد بن الأبرص” الدعوة إلى فعل الخير والأخلاق الحميدة، كما تميز بالصدق والتنوع، فقد تعددت أغراض شعر “عبيد بن الأبرص”، أما وفاته فكانت نتيجة مروره بملك “الحيرة” في يوم بؤسه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى