Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التدريس والتعلم

رثاء الخنساء لأخيها صخر


سنبدأ بالتعريف بالخنساء وحياتها، ثم سننتقل إلى تحليل بعض قصائدها في رثاء “صخر”، ونركز على الأساليب الأدبية التي استخدمتها للتعبير عن مشاعرها، وأخيراً سنناقش تأثير رثاء الخنساء في الشعر العربي، ونُبرز مكانتها بصفتها إحدى أعظم شاعرات الرثاء في التاريخ، وسنركز أيضاً على فكرتين؛ الأولى التعريف بقصة رثاء الخنساء لـ “صخر”، والثانية قصيدة الخنساء في رثاء أخيها “صخر”.

رثاء الخنساء لأخيها صخر:

بِفَقدِ “صخر” فقدَت الخنساءُ فارسها وصاحبها ذلك الشاب المُتوَّج بالكرم والشجاعة، ففاضَت عيونها بالدمع، وامتلأ قلبها بالحزن والأسى، وهذا دفعها لكتابة قصيدة تُعرف بقصيدة “الخنساء في رثاء أخيها صخر”.

قصائد خالدة تُخلِّد ذكرى صخر:

لم تُقهَر الخنساء بفجيعتها؛ بل حوَّلت حزنها إلى إبداع شعري خالد، فَرَثَت أخاها بقصائد عبَّرت فيها عن مشاعرها المتأجِّجَة من الحزن والفجيعة، ورسمَت صوراً حية لمكانة “صخر” في قومه؛ لذا لا بد من التعرف إلى قصة رثاء الخنساء لصخر وقصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر.

صخرٌ: فارسٌ، وكريمٌ، وسيدٌ، ورمزٌ

كان “صخر” فارس قومه؛ إذ يدافع عنهم ويحميهم، وكريمهم؛ إذ يعطيهم دون مَنٍّ أو أذى، وسيدهم؛ إذ يُؤمِّن لهم العيش الكريم، ورمزهم للكرم والشجاعة.

حزنٌ لا يُنسى:

ظلَّ ألم فقدان “صخر” يرافق الخنساء طوال حياتها، فكانت تُردِّد رثاءه في كل مناسبة، وتُذكِّر الناس بمكانته وعظيم صنيعه.

الخنساءُ: رمزٌ للوفاء والحب الأبدي

لم يكن رثاء الخنساء لأخيها مجرد تعبير عن حزنها؛ بل كان تعبيراً عن وفائها وحبها لأخيها، فخلَّدَت ذكرى “صخر” بقصائدها، وجعلت منها رمزاً للوفاء والحب الأبدي.

إرثٌ خالدٌ يُخلِّد مشاعر الخنساء:

ما يزال رثاء الخنساء لأخيها “صخر” يُعَدُّ من أروع ما قيل في الرثاء، فهو إرث خالد يُخلِّد ذكرى أخيها، ويعبِّر عن مشاعرها المُتأجِّجَة من الحزن والفجيعة، ويُخلِّد اسمها بصفتها شاعرة مبدعة ومُلهمة؛ لذا انتشرت مصطلحات بخصوص هذا الأمر، مثل رثاء الخنساء لصخر، وقصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر.

ما هي خصائص شعر الخنساء في رثاء أخيها صخر؟

تميَّز شعر الخنساء في رثاء أخيها “صخر” بعدد من الخصائص التي جعلته من أهم وأجمل قصائد الرثاء في الشعر العربي، ونذكر منها:

1. الصدق والعاطفة الجياشة:

عبَّرت الخنساء عن حزنها العميق على موت أخيها “صخر” بصدق وعاطفة جياشة، ونرى ذلك واضحاً في بكائها ونحيبها عليه، واستخدامها لألفاظ تدل على الحزن والألم، مثل: “أعينَي جودا ولا تجمدا”، و”ألا ليتَ شعري هل أبيتُ الليلة”، و”ألا ليتَ صخراً حياً يُعاتبني”.

2. الوصف:

وصفت الخنساء أخاها بأجمل الصفات، فكان شجاعاً وكريماً وجواداً، وكان رمزاً للفروسية والكرم، ونرى ذلك في قولها: “فَأَنتَ الْكَرِيمُ الْحَمِيدُ الْمُقَدَّمُ”، و”وَأَنتَ الْجَوَادُ الْمُعْطِي الْمُسْتَمِيتُ”.

3. الفخر:

افتخرت الخنساء بأخيها “صخر” ومكانته بين الناس، ونرى ذلك في قولها: “وَكَانَ الْحَسِيبُ الْمُعَظَّمُ فِي قَوْمِهِ”، و”وَكَانَ الْقَرِيمُ الْمُحْتَمَلُ الْمُوَسِّعُ”.

4. الحكمة:

تضمَّن شعر الخنساء في رثاء أخيها “صخر” كثيراً من الحكم والمواعظ، ونرى ذلك في قولها: “وَإِنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِمَذْمُومٍ”، و”وَإِنَّ الْمَرْءَ لَيْسَ بِمُخَلَّدٍ”.

5. الندب:

استخدمت الخنساء في رثائها لأخيها “صخر” أسلوب الندب، وهو من خصائص شعر الرثاء، ونرى ذلك في قولها: “يَا صَخْرُ أَلاَ تَبْعَثُ فَتَسْمَعَ مَا أَقُولُ”، و”يَا صَخْرُ أَلاَ تَبْعَثُ فَتَنْظُرَ مَا أَصْنَعُ”.

6. التكرار:

كررت الخنساء بعض الألفاظ والعبارات في شعرها، وهذا زاد من تأكيدها على حزنها وفقدها لأخيها، ونرى ذلك في قولها: “وَصَخْرٌ صَخْرٌ صَخْرٌ”، و”وَأَنتَ أَنتَ أَنتَ”.

7. البلاغة:

تميز شعر الخنساء في رثاء أخيها “صخر” بالبلاغة، واستخدامها للصور البيانية، مثل: الاستعارة والمجاز والتشبيه، ونرى ذلك في قولها: “وَقَدْ كَانَ صَخْرٌ شَمْساً لِلْمَعْدِمِ”، و”وَكَانَ صَخْرٌ غَيْثاً هَمِيْعاً”.

8. سهولة الألفاظ:

تميَّز شعر الخنساء بسهولة الألفاظ وسلاستها، وهذا جعله مفهوماً للجميع، ونرى ذلك في قولها: “وَإِنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِمَذْمُومٍ”، و”وَإِنَّ الْمَرْءَ لَيْسَ بِمُخَلَّدٍ”.

9. التأثير:

أثر شعر الخنساء في رثاء أخيها “صخر” في كثير من الناس، ونرى ذلك في بكائهم وحزنهم على موت “صخر”.

10. الخلود:

خُلِّد شعر الخنساء في رثاء أخيها “صخر”، وأصبح من أهم قصائد الرثاء في الشعر العربي؛ لذا لا بد من قراءة قصيدة الخنساء في رثاء أخيها “صخر” ومعرفة سبب رثاء الخنساء لـ “صخر”.

شاهد بالفديو: حقائق ومعلومات قد لا تعرفونها عن اللغة العربية

 

شعر الخنساء في رثاء أخيها:

على الرغم من مرارة رثاء الخنساء لـ “صخر” بالنسبة إلى الخنساء، إلا أنَّه بالنسبة إلينا لوحة جميلة، فقصيدة الخنساء في رثاء أخيها “صخر” خلَّدت اسم الخنساء للأبد، والآن سوف نتطرق إلى أبرز القصائد.

قصيدة “قذى بعينكِ أمْ بالعينِ عوَّارُ”:

قذى بعينكِ أمْ بالعينِ عوَّارُ

أمْ ذرَّفتْ إذْ خلَتْ منْ أهلهَا الدَّارُ

كأنَّ عيني لذكراهُ إذا خَطَرَتْ

فيضٌ يسيلُ علَى الخدَّينِ مدرارُ

تبكي لصخرٍ هي العبرَى وَقدْ ولهتْ

وَدونهُ منْ جديدِ التُّربِ أستارُ

تبكي خناسٌ فما تنفكُّ مَا عمرتْ

لها علَيْهِ رَنينٌ وهيَ مِفْتارُ

تبكي خناسٌ علَى صخرٍ وحقَّ لهَا

إذْ رابهَا الدَّهرُ إنَّ الدَّهرَ ضرَّارُ

لا بدَّ منْ ميتة في صرفهَا عبرٌ

وَالدَّهرُ في صرفهِ حولٌ وَأطوارُ

قدْ كانَ فيكمْ أبو عمروٍ يسودكمُ

نِعْمَ المُعَمَّمُ للدَّاعينَ نَصَّارُ

صلبُ النَّحيزة وَهَّابٌ إذَا منعُوا

وفي الحروبِ جريءُ الصَّدْرِ مِهصَارُ

إقرأ أيضاً: الأخطاء الشائعة في اللغة العربية

قصيدة “أعَينِ ألا فَابْكي لِصَخْرٍ بدَرَّة”:

أعَينِ ألا فَابْكي لِصَخْرٍ بدَرَّةٍ

إذا الخيلُ منْ طولِ الوجيفِ اقشعرَّت

إذا زجروهَا فِي الصَّريخِ وَطابقتْ

طِباقَ كِلابٍ في الهِراشِ وهَرَّتِ

شَدَدتَّ عصابَ الحربِ إذ هيَ مانعٌ

فألْقَتْ برِجْلَيها مَرِيَّاً فَدَرَّتِ

وَكانتْ إذا مَا رامهَا قبلُ حالبٌ

تَقَتْهُ بإيزاغٍ دَماً واقمَطَرَّت

وَكانَ أبُو حسَّانَ صخرٌ أصابهَا

فارغثهَا بالرُّمحِ حتَّى أقرَّتِ

كَراهِيَة والصَّبرُ منكَ سَجيَّةٌ

إذا ما رَحى الحرْبِ العَوَانِ استَدَرَّتِ

أقامُوا جنابي رأسِهَا وَترافدُوا

على صَعْبِها يَوْمَ الوَغى فاسبطَرَّتِ

عَوَانٌ ضَرُوسٌ ما يُنادى وَليدُها

تلقَّحُ بالمرَّانِ حتَى استمرَّتِ

حَلَفْتَ على أهْلِ اللِّواءِ لَيوضَعَنْ

فما أحْنَثَتْكَ الخَيْلُ حتَّى أبَرَّتِ

وخَيْلٌ تُنادى لا هَوَادَة بَيْنَها

مَرَرْتَ لها دونَ السَّوَامِ ومُرَّتِ

كأنَّ مدلاً منْ أسودِ تبالة ٍ

يكونُ لها حَيثُ استَدارَتْ وكَرَّتِ

قصيدة “يا عَينِ جودي بدَمعٍ منكِ مَسكُوبِ”:

يا عَينِ جودي بدَمعٍ منكِ مَسكُوبِ

كلؤلؤٍ جالَ في الأسْماطِ مَثقوبِ

إنِّي تذكَّرتهُ وَالَّليلُ معتكرٌ

ففِي فؤاديَ صدعٌ غيرُ مشعوبِ

نِعْمَ الفتى كانَ للأضْيافِ إذْ نَزَلوا

وسائِلٍ حَلَّ بَعدَ النَّوْمِ مَحْرُوبِ

كمْ منْ منادٍ دعا وَالَّليلُ مكتنعٌ

نفَّستَ عنهُ حبالَ الموتِ مكروبِ

وَمنْ أسيرٍ بلا شكرٍ جزاكَ بهِ

بِساعِدَيْهِ كُلُومٌ غَيرُ تَجليبِ

فَكَكْتَهُ، ومَقالٍ قُلْتَهُ حَسَنٍ

بعدَ المَقالَةِ لمْ يُؤبَنْ بتَكْذيبِ

قصيدة “أعينيَّ جودا ولا تَجمُدا”:

أعينيَّ جودا ولا تَجمُدا

ألا تبكيانِ لصخرِ النَّدى؟

ألا تبكيانِ الجريءَ الجميلَ

ألا تبكيانِ الفَتى السيِّدا؟

إذا القوْمُ مَدُّوا بأيديهِمِ

إلى المَجدِ مدَّ إلَيهِ يَدا

فنالَ الذي فوْقَ أيديهِمِ

من المجدِ ثمَّ مضَى مُصْعِدا

يُكَلِّفُهُ القَوْمُ ما عالهُمْ

وإنْ كانَ أصغرَهم موْلِدا

طَويلَ النِّجادِ رَفيعَ العِمادِ

قد سادَ عَشيرَتَهُ أَمرَدا

تَرى المجدَ يهوي إلَى بيتِه

يَرى أفضلَ الكسبِ أنْ يحمدَا

وَإِن ذكرَ المجدُ الفيتهُ

تَأزَّرَ بالمَجدِ ثمَّ ارْتَدَى

قصيدة “يا ابنَ الشَّريد على تَنائي بَيْنِنا”:

يا ابنَ الشَّريد، على تَنائي بَيْنِنا

حُيِّيتَ، غَيرَ مُقَبَّحٍ، مِكبابِ

فكهٌ عَلَى خيرِ الغذاءِ إذَا غدتْ

شهباءُ تقطعُ باليَ الأطنابِ

أرِجُ العِطافِ، مُهفهفٌ، نِعمَ الفتى

مُتَسَهِّلٌ في الأهْلِ والأجْنابِ

حامي الحَقيقِ تَخالُهُ عندَ الوَغَى

أسداً بيشة كاشِرَ الأنيابِ

أسداً تناذرهُ الرِّفاقُ ضُبارماً

شَثْنَ البَراثِنِ لاحِقَ الأقرابِ

فَلَئِنْ هَلَكْتَ لقد غَنيتَ سَمَيذَعاً

مَحْضَ الضَّريبَةِ طَيِّبَ الأثوابِ

ضَخْمَ الدَّسيعةِ بالنَّدى مُتَدَفِّقاً

مَأوَى اليَتيمِ وغايَةَ المُنْتابِ

في الختام:

يمكن القول إنَّ الخنساء خلَّفت إرثاً خالداً من رثاء أخيها “صخر”، فكان شعرها تعبيراً صادقاً عن مشاعرها ومصابها الجلل، وباتت قصائدها نموذجاً فريداً للرثاء في الأدب العربي، وتميزت بصدق العاطفة وقوة التعبير وجمال الأسلوب.

تُعَدُّ الخنساء من أوائل النساء اللواتي برزن في الشعر العربي، وفتحت المجال أمام النساء ليبدعن في هذا المجال، وتُظهِر قصائدها حزنها العميق على فراق أخيها، ولكنَّها أيضاً تُظهِر قوَّتها وصبرها وشجاعتها.

لقد صمدت أمام مصابها، وتحولت من امرأة حزينة إلى شاعرة عظيمة خلَّدت ذكرى أخيها في الأدب العربي؛ لذا تُعَدُّ قصيدة الخنساء في رثاء أخيها “صخر” من أجمل ما قيل في الرثاء، فهي تُعبِّر عن مشاعر إنسانية عميقة وتُخلِّد ذكرى أخيها بطريقة فنية رائعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى