أشهر قصائد حسان بن ثابت

سنغوص في هذا المقال في رحلة عبر أشهر قصائد “حسان بن ثابت”، ونسلط الضوء على أشهر قصائده في الجاهلية وفي الغزل وفي مدح الرسول.
قصائد حسان بن ثابت في الجاهلية:
كان “حسان بن ثابت” من أشهر شعراء العرب في الجاهلية، وقد نظم كثيراً من القصائد في مختلف الأغراض الشعرية من مدح وهجاء ووصف ورثاء؛ لذا من الضروري التعرف إلى أشهر قصائد “حسان بن ثابت”.
من أهم خصائص قصائد حسان في الجاهلية:
- التنوع: تنوعت أغراض شعر “حسان بن ثابت”، فشملت المدح والهجاء والوصف والرثاء.
- الفصاحة: تميَّز شعر “حسان بن ثابت” بفصاحة اللفظ ووضوح المعنى.
- القوة والجزالة: تميز شعر “حسان بن ثابت” بقوة المعنى وجزالة الألفاظ.
- البلاغة: تميز شعر “حسان بن ثابت” بالصور البلاغية الجميلة والمؤثرة.
الآن سنتعرف إلى أبرز قصائد “حسان بن ثابت” في الجاهلية.
مدح حسان بن ثابت للغساسنة قبل الإسلام:
كان “حسان بن ثابت” من أشهر شعراء العرب في الجاهلية، وقد نظم كثيراً من القصائد في مدح ملوك الغساسنة وملوك المناذرة وغيرهم من سادات العرب وأشرافهم.
من أهم خصائص مدح حسان للغساسنة:
1. التكلف:
كان “حسان” يتكلف في مدح الغساسنة، ويستخدم الألفاظ الجزلة والقوية، والصور البلاغية المُبهرة، لكي يُعظم من شأنهم ويُثني على مآثرهم.
2. المبالغة:
كان “حسان” يُبالغ في مدح الغساسنة، ويُضخم من شأنهم، لكي يُثير إعجابهم وينال رضاهم.
3. التركيز على صفات الكرم والشجاعة:
كان “حسان” يُركز في مدح الغساسنة على صفات الكرم والشجاعة، وهي صفات كانت تُقدَّر في الجاهلية.
قال في الغساسنة الأبيات الآتية:
يَسقونَ مَن وَرَدَ البَريصَ عَلَيهِمُ
بَرَدى يُصَفِّقُ بِالرَحيقِ السَلسَلِ
يُسقَونَ دِرياقَ الرَحيقِ وَلَم تَكُن
تُدعى وَلائِدُهُم لِنَقفِ الحَنظَلِ
بيضُ الوُجوهِ كَريمَةٌ أَحسابُهُم
شُمُّ الأُنوفِ مِنَ الطِرازِ الأَوَّلِ
قصائد حسان بن ثابت في الغزل:
قصيدة أراك طروباً:
أراكَ طَروباً والهاً كالمتيَّم .. |
تطوف بأكنافِ السحاب المخيَّم |
أصابكَ سهمٌ أم بُليتَ بنظرة |
فما هذه إلا سجيَّة مُغرَم |
على شاطي الوادي نظرَت حمامةٌ |
أطالت على حسرتي وتندُّمي |
أُشير إليها بالبَنان كأنَّما |
أُشير إلى البيت العتيق المُعظَّم |
أغار عليها من أبيها ومن |
خطوة المسواك إن دار في الفم |
أغار على أعطافها من ثيابها |
إذا لبسَتها فوق جسم مُنعَّم |
وأحسدُ أقداحاً تقبِّل ثغرَها |
إذا وضعَتها موضع اللثم في الفم |
خذوا بدمي منها فإنِّي قتيلها |
ولا مقصدي إلا تجود وتَنعُمي |
ولا تقتلوها إن ظفرتم بقتلها |
ولكن سَلوها كيف حلَّ لها دمي |
وقولا لها يا مُنية النفس إنَّني |
قتيل الهوى والعشق لو كنتِ تعلمي |
ولا تحسبوا أنِّي قُتلت بصارم |
ولكن رمَتني من رباها بأسهُمي |
لها حكمُ لقمان وصورة يوسف |
ونغمة داوود وعفَّة مريم |
ولي حزن يعقوب ووحشة يونس |
وآلام أيوب وحسرة آدم |
ولما تلاقينا وجدتُ بَنانها |
مخضَّبةً تحكي عصارة عندم |
فقلتُ خضبتِ الكفَّ بعدي أهكذا |
يكون جزاء المستهام المتيَّم |
فقالت وأبدت في الحشى لعج |
الجوى مقالة مَن في القول لم يتبرَّم |
وعيشك ما هذا خضاب عرفتَه |
فلا تكن بالبهتان والزُّور متَّهمي |
ولكنَّني لمَّا رأيتُك راحلاً |
وقد كنتَ كفي وزندي ومعصمي |
بكيتُ دماً يوم النوى فمسحتُه |
بكفي فاحمرَّت بَناني من دمي |
ولو قبلَ مبكاها بكيتُ صبابةً |
لكنتُ شفيتُ النفسَ قبل التندُّم |
ولكن بكت قبلي فهيَّج لي البكاء |
بكاها فكان الفضلُ للمتقدِّم |
بكيتُ على مَن زيَّن الحسنُ وجهَها |
وليس لها مثلٌ بعربٍ وأعجُمي |
مدنيَّة الألحاظ مكيَّة الحشى |
هلالية العينين طائية الفم |
وممشوطة بالمسك قد فاح نشرُها |
بثغرٍ كأنَّ الدُّرَّ فيه منظَّم |
أشارت بطرف العين خيفةَ أهلِها |
إشارةَ محزونٍ ولم تتكلم |
فأيقنتُ أنَّ الطَّرفَ قد قال مرحباً |
وأهلاً وسهلاً بالحبيب المتيَّم |
فوالله لولا الله والخوف والرجا |
لعانقتُها بين الحطيم وزمزم |
وقبَّلتُها تسعاً وتسعين قبلةً |
برَّاقة بالكف والخد والفم |
ووسَّدتُها زندي وقبَّلتُ ثغرَها |
وكانت حلا لثمي ولو كنتُ مُحرِم |
وإن حرَّم الله الزنا في كتابه |
فما حرَّم التقبيل بالخد والفم |
وإن حُرِّمت يوماً على دين أحمدَ |
لأخذتُها على دين المسيح بن مريم |
ألا فاسقني كاسات خمر وغنِّ لي |
بذكرى سُليمى والرَّباب وعَندم |
وآخرُ قولي مثلما قلتُ أولاً |
أراكَ طَروباً والهاً كالمتيَّم |
فوالله لولا الله والخوف والرجا |
لعانقتُها بين الحطيم وزمزم |
وقبَّلتُها تسعاً وتسعين قبلةً |
برَّاقة بالكف والخد والفم |
بذلك نكون قد تعرَّفنا إلى أهم قصيدة من قصائد “حسان بن ثابت” في الغزل.
قصائد حسان بن ثابت في مدح الرسول:
كان “حسان بن ثابت” شاعراً فذَّاً وفارساً مقداماً عاش في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فكان من أشد المؤازرين له وأقوى المدافعين عن الإسلام.
لم يكن مدح “حسان بن ثابت” للرسول مجرد كلمات جميلة؛ بل كان نابعاً من إيمانه العميق وإخلاصه الشديد له، فقد اتخذ من شعره سلاحاً لمواجهة أعداء الإسلام، ودفاعاً عن الرسول الكريم.
خلَّف “حسان بن ثابت” قصائد خالدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصبحت من أجمل ما قيل في هذا المجال، ففي شعره، عبَّر عن عظمة الرسول وفضائله، وعن عظيم أثره في البشرية.
سنغوص في هذه الفقرة في رحلة عبر أشعار “حسان بن ثابت” في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وسنُحلِّل بعضاً من أجمل ما قاله، ونُبيِّن تأثير شعره في المسلمين في ذلك الوقت؛ لذا تابع معنا.
وأحسنُ منك لم ترَ قطُّ عيني:
وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيني
وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ
خُلِقتَ مُبَرَّءً مِن كُلِّ عَيبٍ
كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ
ابكِ بكَت عيناك ثمَّ تبادرَت:
ابكِ بَكَت عَيناكَ ثُمَّ تَبادَرَت بِدَمٍ
يَعُلُّ غُروبَها بِسِجامِ
ماذا بَكَيتَ عَلى الَّذينَ تَتابَعوا
هَلَّا ذَكَرتَ مَكارِمَ الأَقوامِ
وَذَكَرتَ مِنَّا ماجِداً ذا هِمَّةٍ
سَمحَ الخَلائِقِ ماجِدَ الإِقدامِ
أَعني النَبِيَّ أَخا التَكَرُّمِ وَالعُلى
وَأَبَرَّ مَن يولي عَلى الأَقسامِ
فَلِمِثلهُ وَلِمِثل ما يَدعو لَهُ
كانَ المُمَدَّحَ ثُمَّ غَيرَ كَهامِ
أظنَّ عُيَينةُ إذ زارَها:
أَظَنَّ عُيَينَةُ إِذ زارَها بِأَن
سَوفَ يَهدِمُ فيها قُصوراً
وَمَنَّيتَ جَمعَكَ ما لَم يَكُن
فَقُلتَ سَنَغنَمُ شَيئاً كَثيراً
فَعِفتَ المَدينَةَ إِذ جِئتَها
وَأَلفَيتَ لِلأُسدِ فيها زَئيراً
فَوَلَّوا سِراعاً كَوَخدِ النَّعامِ
لَم يَكشِفوا عَن مَلَطٍّ حَصيراً
أَميرٌ عَلَينا رَسولُ المَليكِ
أَحبِب بِذاكَ إِلَينا أَميراً
رَسولٌ نُصَدِّقُ ما جاءَهُ
مِنَ الوَحيِ كانَ سِراجاً مُنيراً
بذلك نكون قد تناولنا في هذه الفقرة وسابقاتها بشكل مفصل أشهر قصائد “حسان بن ثابت” في الجاهلية، وفي الغزل، وفي مدح الرسول.
إقرأ أيضاً: الأخطاء الشائعة في اللغة العربية
في الختام:
اتضح من خلال هذا المقال أنَّ “حسان بن ثابت” شاعرٌ مُبدعٌ تميز بشعره الرقيق وقصائده القوية التي خلدت ذكره عبر التاريخ، وكان له أثر كبير جداً في نشر الديانة المحمدية الإسلامية السليمة، ويمكن القول إنَّ “حسان بن ثابت” ليس شاعراً مبدعاً فقط؛ بل أيضاً هو مبدع ومؤثر في التاريخ والحضارة البشرية.