التدريس والتعلم

من هو قيس بن الملوح؟ نسبه وحياته وشعره


من رمال الجزيرة العربية إلى أروقة السلطة ينسج رحلته عبر العصور، تاركاً وراءه سلسلة من الأسئلة والألغاز، في هذا المقال نتعمق في حياة قيس بن المُلوَّح ومآثره وأهميته الدائمة، ونلقي الضوء على شخصية تتجاوز قصتها الزمن.

نبذة عن قيس بن المُلوَّح:

قيس بن المُلوَّح شاعر غزل عربي عاش في القرن الأول الهجري، اشتهرت قصته العاطفية مع ليلى العامرية حتى أصبح رمزاً للحب العذري في الأدب العربي.

1. نشأته:

وُلد قيس بن المُلوَّح عام 645 ميلادي في نجد، لأبوين من قبيلة بني عامر بن صعصعة، ونشأ في بيئة بدوية ثرية، ونال قسطاً من التعليم، وهذا جعله شاعراً فصيحاً ومتمكناً من اللغة العربية.

2. قصة حبه:

تعلَّق قيس بحب ليلى العامرية منذ صغرهما، فنشأت مشاعر الحب بينهما خلال رعيهما للأغنام في البادية، وواجه حبهما صعوبات جمة، فرفض أهل ليلى زواجها من قيس بسبب الفقر.

3. عذاب الحب:

بعد رفض زواجه من ليلى، عاش قيس حياة مليئة بالمعاناة والألم، وعبَّر عن مشاعره في قصائد غزلية رقيقة، تغنى فيها بجمال ليلى ووصف مشاعره العميقة تجاهها.

4. لقبه:

أطلق على قيس لقب “مجنون ليلى” بسبب سلوكه الغريب وتصرفاته غير العقلانية، فكان يتردد على أماكن وجودها، ويهيم في الصحراء باحثاً عنها، تاركاً خلفه حياة الرفاهية والعيش الرغيد.

5. حياته:

عاش قيس حياة قصيرة مليئة بالحب والمعاناة، واجه خلالها عدة تحديات، من رفض زواجه من ليلى، إلى نظرة المجتمع له بصفته “مجنوناً”، إلى هجره من قبل قبيلته.

6. وفاته:

مات قيس عام 688 ميلادي وحيداً في الصحراء، ودُفن في مكان مجهول.

7. إرثه:

خلَّف قيس بن المُلوَّح ديواناً من الشعر الغزلي الرقيق، يُعدُّ من أجمل ما قيل في الحب العذري، وألهمت قصته كثيراً من الشعراء والفنانين على مر العصور، وأصبح رمزاً للحب العذري في الأدب العربي.

حياة قيس بن المُلوَّح:

عاش قيس بن المُلوَّح الملقب بمجنون ليلى حياة مليئة بالحب والعذاب، ونشأ مع ليلى العامرية ابنة عمه وتعلق بها منذ الصغر، لكن عندما كبر رفض أهلها زواجهما لأسباب اجتماعية.

نتيجة لذلك، عاش قيس حياة مأساوية هائماً على وجهه في الصحراء يمجِّد حبه لليلى في قصائد غزلية عذبة، وعانى من الوحدة والهجران، وفُقد عقله في بعض الأحيان بسبب شدة حبه.

واجه قيس عدة تحديات خلال حياته، أهمها:

  • رفض أهل ليلى زواجهما: كان هذا التحدي هو السبب الأساسي في مأساة قيس، فعاش حياته في حالة من اليأس والحزن.
  • الهيام في الحب: أدى حب قيس لليلى إلى تشتت عقله وانسحابه من المجتمع.
  • الوحشة: عاش قيس معظم حياته وحيداً في الصحراء، بعيداً عن عائلته وأصدقائه.

على الرغم من هذه التحديات، تمكن قيس من ترك بصمة عميقة في التاريخ العربي من خلال شعره الغزلي العفيف.

إليك بعض النقاط الهامة عن حياة قيس بن المُلوَّح:

  • ولد في نجد عام 645 م.
  • عاش في القرن الأول الهجري.
  • عاصر خلافة مروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان.
  • توفي عام 688 م.
  • اشتهر بشعره الغزلي العفيف الذي يمجِّد حبه لليلى.
  • لُقِّب بمجنون ليلى بسبب شدة حبه لها.
  • يُعد من أشهر شعراء العصر الأموي.
  • أثرَّت قصة حبه لليلى في الأدب العربي بشكل كبير.

وفاة قيس بن المُلوَّح:

قيس بن المُلوَّح ذلك العاشق المجنون الذي عاش قصة حب خالدة مع ليلى العامرية لم يهدأ له بال ولم يهنأ له عيش حتى فارق الحياة، عاش قيس حياته مُتَيَّماً بحب ليلى، فكان يهيم على وجهه في البراري والقفار ينشد أشعاراً تُعبِّر عن مشاعره الجياشة.

ولمَّا طال عليه الأمد دون أن يُحقِّق حلمه بالزواج من ليلى، ازدادت حسرته وازدادت آلامه، فكان يبكي ليل نهار ويُنشد أشعاراً تُعبِّر عن حزنه وفجيعة قلبه.

أخيراً لم يُقوَ قيس على تحمل مزيد من الحزن والآلام، فمرض مرضاً شديداً أقعده عن الحركة، وبينما هو على فراش الموت، طلب من أحد أصدقائه أن يُحضر له ليلى ليراها قبل أن يموت.

لمَّا حضرت ليلى، نظر إليها قيس نظرة الوداع، وبكى بكاءً شديداً، ثمَّ أنشد أبياتاً من الشعر عبَّر فيها عن مشاعره الصادقة تجاهها.

بعد أن انتهى قيس من إنشاد أشعاره، فارق الحياة تاركاً خلفه قصة حب خالدة، وقصيدة من أجمل قصائد العشق في التاريخ.

مات قيس بن المُلوَّح جسدياً، لكنَّ حبه لليلى ظلَّ خالداً في ذاكرة الناس، وخلَّدته أشعاره التي تُردَّد إلى يومنا هذا.

شعر قيس بن المُلوَّح:

أولاً: موضوعات شعره

1. الحب العذري:

عبَّر قيس عن حبه لليلى بصدق وعفة، ووصف مشاعره بالهيام واللوعة والشوق.

2. الوصف:

تميز قيس بقدرته على وصف مشاعره وأحاسيسه بدقة، كما وصف جمال ليلى وخصائصها الجسدية والنفسية.

3. الطبيعة:

استخدم قيس صوراً من الطبيعة للتعبير عن مشاعره، مثل: الوديان، والنجوم، والليل، والربيع.

4. العتاب:

عبَّر قيس عن عتبه على ليلى وقومها لرفضهم زواجه منها.

5. الحكمة:

تضمنت بعض قصائد قيس حكماً ومواعظ عن الحب والحياة.

شاهد بالفديو: حقائق ومعلومات قد لا تعرفونها عن اللغة العربية

 

ثانياً: أثر شعره

1. أثر شعره في الأدب العربي:

أثَّر شعر قيس في كثير من الشعراء العرب الذين تبعوه، وأصبح رمزاً للحب العذري.

2. أثر شعره في الموسيقى:

تم تحويل بعض قصائد قيس إلى أغاني مشهورة.

3. أثر شعره في السينما:

تم تحويل قصة حب قيس وليلى إلى أفلام سينمائية.

ثالثاً: مكانة قيس بن المُلوَّح

يعد قيس بن المُلوَّح من أهم شعراء الغزل العذري في العصر الأموي، وخلَّد اسمه في التاريخ بقصته مع ليلى.

أشهر قصائد قيس بن المُلوَّح:

1. قصيدة “أراحلة ليلى”:

أراحلةُ ليلى وفي الصَّدر حاجة

أقامَ بها وجدٌ فما يترحَّلُ

وقفنا على دار البخيلة فانبرَت

سواكبُ قد كانَت بها العينُ تبخلُ

على دارسِ الآية عافٍ تعاقبَت

عليه صَباً ما تستفيقُ وشمألُ

فلم يدرِ رسمُ الدارِ كيف يجيبُنا

ولا نحنُ من فرطِ البُكا كيفَ نسألُ

أجدَّك هل تنسى العهودَ فينطوي

بها الدهرُ أو ينسى الحبيب فيذهلُ

أرى حبَّ ليلى لا يبيدُ فينقضي

ولا تلتوي أسبابه فتحلَّلُ

2. قصيدة “أمر على الديار”:

أمرُّ على الديارِ ديار ليلى

أقبِّل ذا الجدار وذا الجدار

وما حبُّ الديارِ شغفن قلبي

ولكن حبُّ من سَكَنَ الديار

أشارَت بطرفِ العينِ خيفةَ أهلِها

إشارةَ مذعورٍ ولم تتكلم

فأيقنتُ أنَّ الطرفَ قد قالَ مرحباً

وأهلاً وسهلاً بالحبيبِ المتيم

يموتُ الهوى منِّي إذا ما لقيتُها

ويحيا إذا فارقتُها فيعود

وما في الأرضِ أشقى من مُحب

وإن وجدَ الهوى حلوَ المذاق

تراهُ باكياً في كلِّ حين

مخافةَ فرقةٍ أو لاشتياق

نقِّل فؤادَك حيثُ شئتَ من الهوى

ما الحبُّ إلا للحبيبِ الأول

كم منزلٍ في الأرض يألفُهُ الفتى

وحنينُه أبداً لأولِ منزل

كلأنا مظهر للناس بغضاً

وكلٌّ عند صاحبِهِ مكين

تُحدِّثنا العيونُ بما أردنا

وفي القلبين ثم هوى دفين

3. قصيدة “أتبكي على ليلى ونفسك باعدت”:

أتبكي على ليلى ونفسك باعدت

أتبكي على ليلى ونفسُك باعدَت

مزارَك من ليلى وشعبَاكما مع

فما أحسنَ أن تأتي الأمرَ طائعاً

وتجزعَ أن داعيَ الصبابةِ أسمع

قفا ودِّعا نجداً ومَن حلَّ بالحمى

وقل لنجد عندنا أن يودِّع

ولمَّا رأيتُ البشرَ أعرض دوننا

وجالَت بناتُ الشوقِ يحنن نزع

تلفَّتُّ نحو الحيِّ حتَّى وجدتَني

وجعتُ من الإصغاءِ ليتا وأُخدع

بكَت عيني اليسرى فلمَّا زجرتُها

عن الجهلِ بعدَ الحلمِ أسبلتا مع

وأذكرُ أيامَ الحمى ثم أنثني

على كبدي من خشيةِ أن تصدَّع

فليسَت عشياتُ الحمى برواجع

عليك ولكن خلِّ عينيك تدمع

معي كل غرٍّ قد عصى عاذلاته

بوصل الغواني من لدن أن ترعرع

إذا راح يمشي في الرداءين أسرعَت

إليه العيون الناظراتُ التطلع

4. قصيدة “شكوت إِلى سِربِ القَطا إِذ مَرَرنَ بي”:

شكوت إِلى سِربِ القَطا إِذ مَرَرنَ بي

شَكَوتُ إِلى سِربِ القَطا إِذ مَرَرنَ بي

فَقُلتُ وَمِثلي بِالبُكاءِ جَديرُ

أَسِربَ القَطا هَل مِن مُعيرٍ جَناحَهُ

لَعَلِّي إِلى مَن قَد هَوَيتُ أَطيرُ

فَجاوَبنَني مِن فَوقِ غُصنِ أَراكَةٍ

أَلا كُلُّنا يا مُستَعيرُ مُعيرُ

وَأَيُّ قَطاةٍ لَم تُعِركَ جَناحَها

فَعاشَت بِضُرٍّ وَالجَناحُ كَسيرُ

وَإِلَّا فَمَن هَذا يُؤَدِّي رِسالَةً

فَأَشكُرَهُ إِنَّ المُحِبَّ شَكورُ

إِلى اللَهِ أَشكو صَبوَتي بَعدَ كُربَتي

وَنيرانُ شَوقي ما بِهِنَّ فُتورُ

فَإِنِّي لَقاسي القَلبِ إِن كُنتَ صابِراً

غَداةَ غَدٍ فيمَن يَسيرُ تَسيرُ

فَإِن لَم أَمُت غَمَّاً وَهَمَّاً وَكُربَةً

يُعاوِدُني بَعدَ الزَفيرِ زَفيرُ

إِذا جَلَسوا في مَجلِسٍ نَدَروا دَمي

فَكَيفَ تُراها عِندَ ذاكَ تُجيرُ

وَدونَ دَمي هَزُّ الرِماحِ كَأَنَّها

تَوَقَّدُ جَمرٍ ثاقِبٍ وَسَعيرُ

وَزُرقُ مَقيلِ المَوتِ تَحتَ ظُباتِها

وَنَبلٌ وَسُمرٌ ما لَهُنَّ مُجيرُ

إِذا غُمِزَت أَصلابُهُنَّ تَرَنَّمَت

مُعَطَّفَةٌ لَيسَت بِهِنَّ كُسورُ

قَطَعنَ الحَصى وَالرَملَ حَتَّى تَفَلَّقَت

قَلائِدُ في أَعناقِها وَضُفورُ

وَقالَت أَخافُ المَوتَ إِن يَشحَطِ النَوى

فَيا كَبِداً مِن خَوفِ ذاكَ تَغورُ

سَلوا أُمَّ عَمروٍ هَل يُنَوَّلُ عاشِقٌ

أَخو سَقَمٍ أَم هَل يُفَكُّ أَسيرُ

أَلا قُل لِلَيلى هَل تُراها مُجيرَتي

فَإِنِّي لَها فيما لَدَيَّ مُجيرُ

أَظَلُّ بِحُزنٍ إِن تَغَنَّت حَمامَةٌ

مِنَ الوُرقِ مِطرابُ العَشِيِّ بَكورُ

بَكَت حينَ دَرَّ الشَوقُ لي وَتَرَنَّمَت

فَلا صَحَلٌ تُربي بِهِ وَصَفيرُ.

في الختام:

إنَّ الخوض في حياة وتراث قيس بن المُلوَّح يقدم لمحة عن النسيج الغني للتاريخ والثقافة في شبه الجزيرة العربية، ومن خلال مساهماته في الشعر والدبلوماسية والحكم جسَّد قيس قيم الشرف والحكمة والمرونة التي تردد صداها عبر الأجيال.

إنَّ تأثيره الدائم بمنزلة تذكير بالقوة الدائمة لسرد القصص والتأثير العميق الذي يمكن أن يحدثه الأفراد في تشكيل مسار التاريخ، وبينما نواصل استكشاف الروايات المتنوعة لماضينا والاحتفال بها، يظل قيس بن المُلوَّح شخصية تستحق الإعجاب والتبجيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى