التدريس والتعلم

استراتيجيات مجربة لتوظيف مهارات التفكير النقدي في العملية التعليمية


تعريف التفكير النقدي وأهميته في التعليم

دعنا نتحدَّث قليلاً في ماهية التفكير النقدي في العملية التعليمية قبل أن نغوص في استراتيجيات توظيفه، ودعني أعرِّفه لك ببساطة بكونه عملية عقلية منظَّمة ترمي إلى تحليل وتقييم المعلومات والأفكار تقييماً موضوعياً منطقياً، ومن ثمَّ استخلاص الاستنتاجات المنطقية، واتخاذ القرارات المبنية عليها. حتى تستقبل أفكار واستراتيجيات التفكير النقدي في العملية التعليمية، لا بدَّ لك أن تكون مقدِّراً لأهميته التي تتمحور حول:

  1. مساعدة الطالب على فهم المواد الدراسية بعمق أكبر.
  2. تنمية قدرته على حل المشكلات واتخاذ القرارات.
  3. تعزيز الإبداع والابتكار.
  4. تحسين مهارات التواصل والنقاش.
  5. إعداد الطلاب لمواجهة تحديات الحياة العملية.

ننطلق من الوعي بهذه الأهمية لاستكشاف أدوات وطرائق عملية تساعدنا على توظيف التفكير النقدي في العملية التعليمية.

استراتيجيات تنمية مهارات التفكير النقدي لدى المتعلِّم

أنت تعلم أنَّ الاستراتيجية الفعََّالة هي العامل الحاسم لتحقيق أي مفهوم بنَّاء، وأنَّنا هنا نسعى إلى منظومة يصل فيها المتعلم بمتعة ووعي إلى أعماق الفائدة من العلوم التي يتلقَّاها؛ لذا لا بدَّ أن نمتلك استراتيجيات التفكير النقدي في العملية التعليمية ونتحقَّق من فعاليتها، فدعنا نخوض بها معاً.

1. تحفيز طرح أسئلة مفتوحة

إنَّنا نُعِدُّ أنَّ هذه من أهم استراتيجيات التفكير النقدي في العملية التعليمية، وذلك بما فيها من سلاسة في الاستخدام للمعلِّم ومتعة للمتعلِّم، إذ يمكن للمعلمين طرحها بالطرائق التالية:

  • طرح أسئلة تبدأ بـ “لماذا” و”كيف” بالتالي تشجيع التفكير العميق.
  • تجنُّب الأسئلة التي تقتضي إجابات بسيطة بنعم أو لا.
  • فتح المجال وتحفيز الطلاب على طرح أسئلتهم الخاصة حول الموضوع المطروح.
  • اتِّباع تقنية السؤال المتسلسل والتي تُطرَح فيها سلسلة من الأسئلة المترابطة.

دعنا هنا نسوق لك مثالاً عملياً لنحقِّق فائدة تطبيقية أكثر. في درس التاريخ، بدلاً من أن تسأل متى حدثَتْ الثورة الفرنسية؟ يمكنك طرح سؤال كيف برأيك أثَّرت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في فرنسا على اندلاع الثورة؟ إنَّ هذا سيدفع المتعلم للاهتمام أكثر بمعرفة تلك الأحداث وتاريخ حدوثها ذاتياً؛ وهنا تكمن فائدة من فوائد التفكير النقدي في العملية التعليمية.

2. استخدام استراتيجية التحليل والتقييم

رسِّخْ أساس آلية التفكير النقدي في العملية التعليمية من خلال هذه الاستراتيجية التي تُعنى بتدريب الطلاب على تحليل المعلومات وتقييمها تقييماً نقدياً وموضوعياً، وذلك من خلال:

  • التشجيع على تحديد مصادر المعلومات وتقييم موثوقيتها.
  • التدريب على التمييز بين الحقائق والآراء.
  • تعليم كيفية تحديد التحيُّزات والافتراضات في النصوص والخطابات.
  • تشجيع المتعلمين على مقارنة وجهات النظر المختلفة حول قضية معيَّنة.

دعنا نخوض معاً في مثال عملي. في درسٍ عن الإعلام مثلاً، يمكنك تكليف الطلاب بتحليل المقالات الإخبارية المختلفة حول الحدث نفسه، وعليهم بعدها تحديد الاختلافات في تغطية هذا الحدث والتحيُّزات المحتملة أمامهم، الأمر الذي يغذِّي مبدأ وغاية استراتيجيات التفكير النقدي في العملية التعليمية.

شاهد بالفيديو: 5 تقنيات فعالة للتفكير النقدي

   

3. تطوير التعلم القائم على المشروعات

وهو العنصر الممتع من بين استراتيجيات التفكير النقدي في العملية التعليمية، ففي خضمِّ روح العمل الجماعي والاستمتاع فيه تأتي فوائده من خلال:

  • تكليف مجموعة من الطلاب بمشروعات بحثية طويلة الأمد.
  • تشجيعهم على تجميع المعلومات من مصادر متنوعة وتقييم المعلومات والمصادر.
  • تدريب الطلاب على تنظيم المعلومات وتحليلها.
  • تعليمهم كيفية تقديم النتائج تقديماً منطقياً ومتسلسلاً ومقنعاً.

قد حضرَ في ذهني مثال تطبيقي أيضاً، فعندما يكون الدرس في الجغرافيا، يمكن تكليف الطلاب على مجموعات بمشروع لدراسة أثر التغيُّرات المناخية على منطقتهم المحلية، ومن ثمَّ تقديم توصيات للتكيُّف مع هذه التغيرات، الأمر الذي فيه الكثير من تمكين توظيف التفكير النقدي في العملية التعليمية.

4. استراتيجية المناقشة والمناظرة

يمكن أن تألف موضوع احتياج التفكير النقدي في العملية التعليمية كثيراً إلى المناقشة والمناظرة، وكم من الهام جعلها مبنية على أرضية ممتعة وسلسة؛ لأنَّها تساعد كثيراً على تنمية مهارات التفكير النقدي والتواصل لدى المتعلم، وذلك عبر خطوات بسيطة منها:

  • تنظيم مناقشات صفِّية دورية حول موضوعات مثيرة للجدل ولاهتمام الطلاب.
  • تشجيع الطلاب على تقديم أدلَّة منطقية لدعم آرائهم.
  • تدريبهم على الاستماع الفعَّال للآخر، ومن ثمَّ تقييم حججه.
  • تنظيم مناظرات رسمية في شؤون قضايا هامة.

يمكننا الحديث عملياً بمثال بسيط كدرسٍ في الأدب، يمكن فيه تنظيم مناظرة حول قراءة المدلولات والمعاني وراء نهاية رواية معيَّنة، مع تشجيع الطلاب على تقديم أدلَّة من النص لتقوية وجهات نظرهم. يوضِّح هذا أهمية ومتعة توظيف التفكير النقدي في العملية التعليمية.

5. استراتيجية حل المشكلات

نرى أنَّها وسيلة فعَّالة في توظيف التفكير النقدي في العملية التعليمية، لأنَّ لها طرائقها المجرَّبة في تنمية مهارات التفكير النقدي وتطوير العمل بها عبر ما يأتي:

  • تقديم مشكلات واقعية للمتعلمين وتشجيعهم على إيجاد حلول مبتكرة لها.
  • تدريبهم على تحديد المشكلة بدقة وجمع المعلومات التي تلزم لمسار حلها.
  • تعليمهم كيف توضَع فرضيات للحلول وتُختَبَر.
  • توجيههم إلى تقييم الحلول المقترحة واختيار أفضلها.

كمثال عملي، خذ درس العلوم البيئية، وقدِّم للطلاب مشكلة التلوث البلاستيكي في المحيطات، مثلاً وكلِّفهم بعدها بوضع خطة عمل للحدِّ من هذه المشكلة.

6. تحليل دراسات الحالة

دعنا نلفت انتباهك إلى كون هذه الاستراتيجية تُعدُّ أداة فعَّالة جداً لتنمية مهارات التفكير النقدي في العملية التعليمية. تُعطى للطلاب سيناريوهات واقعية تتطلب منهم تحليل البيانات الموجودة، وتحديد المشكلات، ثمَّ وضع حلول مُناسبة وتقييمها. والمفيد هنا أنَّه يُمكن استخدام دراسات الحالة في مُختلف المواد الدراسية، وفيها أيضاً سلاسة بين إمكانية العمل عملاً فردياً أو جماعياً للطلاب لتحليل الحالة وتقديم توصياتهم. سيتيح ذلك توظيف التفكير النقدي في العملية التعليمية بمرونة.

7. التشجيع على التأمُّل

من الهام جداً هنا أن تتأكَّد من معرفتك بأهمية التأمُّل في كامل المنظومة الفكرية للإنسان، وبالتالي أهميته في التفكير النقدي في العملية التعليمية. لتوظيفه، يمكن للمعلمين أن يشجِّعوا على التأمُّل في الفصل الدراسي عن طريق تحفيز الطلاب على التفكير بعمق في المعلومات المطروحة. فمثلاً يمكن أن يطرح المعلِّم سؤالاً بسيطاً جداً، مثل ماذا تعلَّمت اليوم؟ وبذلك يشجِّع الطالب على التفكير بعمق في الإجابة.

إذاً فنحن هنا قد رأينا كيف يمكن لطرائق واستراتيجيات التفكير النقدي في العملية التعليمية أن تجعل منه أداة فريدة لمتعة التعلم وتعمِّق فوائده وترسِّخها، لكنَّني أعتقد أنَّه لا تخفى عليك بالمقابل أهمية وجود أرضية وبيئة داعمة لهذه الأداة الفكرية في الصف. ستسألني هنا: ما السُّبُل لتعزيز هذه البيئة؟ لذا دعنا نتعرف على ذلك معاً.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح تساعد على تنمية التفكير الإبداعي

  

استراتيجيات تهيئة البيئة الصفية لتوظيف التفكير النقدي

حتى نستطيع تنمية وتوظيف التفكير النقدي في العملية التعليمية، علينا أن نعمل على بعض استراتيجيات تطوير البيئة الصفية أولاً بما يساعد المتعلمين على الاندماج في هذه العملية الفكرية بسهولة؛ لذا تعال معي نلقي الضوء على أهمِّ هذه الاستراتيجيات.

1. خلق جوٍّ آمنٍ منفتحٍ للتعبير عن الآراء بين المتعلِّمين

أنت تعلم أنَّ الشعور بالأمان والترحيب والاهتمام بآرائك هي أساسيات الإقبال على المناقشة والتفكير مع الآخرين، ويمكننا تعزيز ذلك عبر:

  • تشجيع الطلاب على طرح أفكارهم دون خوف من الانتقادات.
  • وضع احترام وجهات النظر المختلفة وتقدير التنوع الفكري بوصفه أساساً لأي نقاش.
  • تعليم الطلاب كيفية إيجاد وطرح النقد البنَّاء واستقباله بإيجابية.

إنَّ في ذلك كله دعم لتمكين التفكير النقدي في العملية التعليمية.

2. ربط التعلم بالحياة الواقعية

هي أيضاً وسيلة قوية لدعم التفكير النقدي في العملية التعليمية، ويمكننا اتِّباعها من خلال:

  • تقديم أمثلة وتطبيقات للطلاب من حياتهم اليومية خاصة للمفاهيم النظرية.
  • تشجيع الطلاب على أن يربطوا ما يتعلمونه بتجاربهم الشخصية.
  • توفير زيارات ميدانية وحضور لمتحدِّثين من خارج المدرسة في مجالات مختلفة.

3. تنويع وسائل التعلُّم واستخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية

إنَّك تعلم كم من الهام ألَّا تدخل الوسائل التعليمية في جوٍّ من الرتابة والملل؛ لذا لا بدَّ من تنويعها، وأيضاً لا تخفى أهمية توظيف التكنولوجيا في دعم التفكير النقدي في العملية التعليمية، إذ يمكن للمعلمين استخدامها لتشجيع الطلاب على التفكير بعمق في المعلومات.

تحديات توظيف التفكير النقدي في العملية التعليمية

لا بدَّ أنَّك تعي بوجود تحديات متعدِّدة قد تعترض مسارنا في استراتيجيات التفكير النقدي في العملية التعليمية، وسنلقي الضوء على أبرزها:

  • مقاومة تغيير الأساليب التعليمية التقليدية من قبل بعض المعلمين.
  • ضيق الوقت بسبب حاجة المعلمين لتغطية كامل المنهج الدراسي في إطار زمني معيَّن.
  • التفاوت في مستويات الطلاب الذين قد يواجه بعضهم صعوبات في تنمية مهارات التفكير النقدي.

في الختام

نكون بذلك قد ختمنا رحلتنا في استكشاف استراتيجيات التفكير النقدي في العملية التعليمية، وما قد يُحدثه من تطويرات في سهولة ومتعة التعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى